منتدى دكار... الإخفاق المغربي مرة أخرى، بشهادة الصحافة المغربية... طباعة
الأخبار - أقوال الصحافة.
الأحد, 17 فبراير 2013 17:52

الأربعاء 16 فبراير 2011
تدبير قضية الصحراء بشكل كلاسيكي موسوم بالشحن العاطفي وشعارات الإجماع التي لا تلقى صدى لها خارج الحدود.
لم تكن حصيلة مشاركة الوفد المغربي في المنتدى الاجتماعي العالمي في السنغال إيجابية بسبب غياب تنسيق بين المشاركين المغاربة في هذا الحدث العالمي الهام.
يمكن اختزال الخلاصات الأساسية التي انتهى إليها الجميع في أن المغرب تعامل مع الحدث بسذاجة فقام بإنزال قوي في دكار بداعي الدفاع عن قضية الوحدة الترابية، وتعدى عدد أعضاء الوفد المغربي 1000 مشارك، إلا أن معادلة "الكم يذهب الكيف" كانت حاضرة بقوة في فهم

أسباب إخفاق المغرب في الدفاع عن صورته لدى المشاركين من مختلف الدول، ذلك أن جمعيات حضرت أشغال المنتدى الاجتماعي، وهي لا تدري شيئا عن تاريخه وأدبياته ومحاوره الأساسية، فاختلط عليها الحابل بالنابل، بين المشاركة في أوراش العمل الغنية التي طبعت أشغال المنتدى، وهي لا تملك أدنى تصورات أو مقترحات للحديث عن العولمة أو ديون دول العالم النامي أو الاستغلال البشع لثروات الأرض، أو الحوار المفتوح ما بين الشعوب حول مصير الثروات والحل السلمي للنزاعات أو المعضلة البيئية في العالم، وغيرها من الأوراش، أو الدفاع الأعمى عن القضية الوطنية الأولى في المغرب، رغم أن  الوفد المغربي كان الأكثر عددا وكلفة للميزانية العامة لبلده.
لم يكن من الضروري الوقوع في فخ شباب طائش قدم من المخيمات ومراهقين محسوبين على التيار الانفصالي في العيون ونساء صحراويات يسرن في التوجه ذاته حاملات أعلام بوليساريو، لكل منهن مشكلتها الخاصة مع المغرب، اجتماعية كانت أم للمزايدة لا أقل ولا أكثر أو من أجل لفت انتباه المسؤولين المغاربة إلى مطالب نفعية أكثر منها قيم نضال وكفاح من أجل "استقلال الصحراء" كما يقولون، ومن المفيد التذكير في هذا الباب بقوة الوفد الصحراوي المساند للأطروحة الوطنية، إلا أنه لم يستثمر بذكاء لخلق ظروف النقاش الهادئ بين الصحراويين الذين يختلفون في التوجه، إلا أنهم يتبادلون القبلات وأرقام الهواتف كلما انتهى الشجار والصخب بين بوليساريو وأعضاء من الوفد المغربي.
لا يمكن الاستمرار في التدبير الكلاسيكي لقضية الصحراء الموسوم بالشحن العاطفي والشعارات الاجماعية التي لا تلقى صدى لها خارج الحدود، والمطلوب أن ترفع الدولة يدها عن جمعيات تسير من الخلف وتمول من أجهزة الدولة المغربية للقيام بمبادرات فلكلورية لفائدة قضية الصحراء، كما حدث في دكار، ذلك أن طبيعة الشعارات التي رفعها المغاربة في مسيرة المنتدى الاجتماعي العالمي توحي وكأننا نسير وحدنا ولا صلة لنا بالحدث الذي يعني الشعوب أولا وأخيرا والتحديات المشتركة التي تواجهها، قبل كل شيء، وهو ما أدى إلى خلافات بين أعضاء الوفد أمام مرأى ومسمع من العالم، انتهت في الكثير من الأحيان إلى ملاسنات واتهامات متبادلة رغم المبادرات الطيبة التي قام بها البعض لرأب الصدع وتقريب وجهات النظر، إلا أن لغة التشكيك في النوايا وغياب تصور مشترك حول أولويات العمل داخل فضاء المنتدى، جعل الخيام المغربية المنتصبة في دكار مجرد معارض يؤثثها شباب ونساء جيء بهم من أجل مواجهة بوليساريو، يفترشون زرابي مغربية بعد انتهائهم من التبضع، في وقت نجد وفود دول أخرى تشتغل ليل نهار لتأكيد حضورها في هذا الحدث العالمي.
عشنا مونولوغا مغربيا مائة بالمائة في المنتدى المغاربي، فالمغاربة هم الذين سيطروا على أشغاله وجدول أعماله، وهمومهم الداخلية هي التي نوقشت، والاختلافات في وجهات النظر كانت مغربية مائة بالمائة، وشملت على وجه الخصوص تقييم تجربة هيأة الإنصاف والمصالحة، في وقت كان من اللازم أن تحضر التجربة المغربية في الانتقال كنموذج لدى الأشقاء المغاربيين، كما أن اللحظة المهمة التي كان من اللازم أن ندفع بها بقوة في اتجاه تأكيد استقلالية المجتمع المدني المغربي وقدرته على احتواء الخلافات السائدة بين الحكومات والدول المغاربية، لم يتفوق فيها المغاربة مرة أخرى، وبرز ذلك في اللقاء الذي كان موضوعه الأساسي النزاعات في المنطقة المغاربية، والذي حضرت فيه لغة الإجماع مرة أخرى في التطرق لمشكل الصحراء وقضية سبتة ومليلية، في وقت كان من الممكن فيه أن تبرز وجهة النظر المغربية بقوة من خلال فتح نقاش حقيقي حول ما يجمع شعوب المنطقة من قيم وتطلعات مشتركة سياسية واقتصادية واجتماعية، والدور الذي يمكن أن تلعبه هيآت المجتمع المدني في المغرب العربي من أجل تقريب المسافات حول قضايا مصيرية بعيدا عن خطاب اختزالي مفعم بالأحكام الجاهزة يظهرنا دائما بمظهر "ربوهات" مسيرة من الخلف.
رشيد باحة (موفد جريدة الصباح المغربية إلى دكار)


Share Link: Share Link: Bookmark Google Yahoo MyWeb Digg Facebook Myspace Reddit