إذا أردنا أن نحكم وأن نستمر فى الحكم يجب أن نكون جديرين بتشتيت معنى الحقيقة. جورج أورويل في روايته العظيمة 1984 .

في كل خطاباته، يحرص رئيس الدولة على ان يكون خطابه عاما، دون تخصيص او تحديد، ووفقا لهذا النهج جاء خطابه الأخير امام اللجنة الوطنية المشكلة حديثا للإشراف على استحقاق تجديد عهدة المجلس الوطني الصحراوي، فكان ان كرر نفس الكلام العام، رغم خصوصية الظرف ودقته،

اذ لم يخرج الخطاب - المرتجل في معظمه - عن التمني، و المناشدة للقيادة وللشعب بتحمل المسؤوليات، فقد دعا الى تعزيز الوحدة الوطنية، وطالب بوقف الفساد، وحماية مؤسسات الدولة من الاستغلال الخاص، واحترام المواطن و كرامته، وشدد على الالتزام بمبادئ الجبهة ،وجدد الدعوة الى دعم الانتفاضة السلمية بالأرض المحتلة .

هل نذكّر الرئيس بان صلاحياته مطلقة، في تعديل القوانين، واختيار الوزراء وتعيين السفراء، والمدراء ..الخ .و بالتالي هو المسؤول الاول عن صيانة الوحدة الوطنية وأول من يجب دعوته الى حمايتها من سرطان القبلية الذي انتشر - مع الأسف- في هيكل الدولة والجبهة حتى صارت المؤسسات املاكا خاصة . وهو المسؤول الاول ايضا عن وقف الفساد و اول من يجب مطالبته بمحاسبة الفاسدين، وحماية مؤسسات الدولة والمال العام من الاستغلال الخاص، من خلال تفعيل المجلس الوطني وتركه يأخذ دوره المنوط به، وسن القوانين التي تكفل احترام المواطن وعلى رأسها القانون الاداري وبالمناسبة اين القانون الاداري ولجنة حقوق الانسان فقد انصرف الاهتمام عنهما وتم الاخلال بالوعود التي قطعت في هذا الاتجاه. اما عن مبادئ الجبهة، فيبدوا ان النظام بأكمله قد نسي وجود مبدأ النقد، فصار يضيق ذرعا بكل نقد وينعت صاحبه بأبشع النعوت واشنعها.

بناء على ما تقدم يكون دعم افضل دعم للانتفاضة، هو في تقوية الدولة والجبهة وتحصينهما ، من خلال تقوية المؤسسات واستقلاليتها، ومن خلال الفرز الجيد للاطر، واختيار افضلها وأكثرها تأهيلا وليس اكثرها موالاة. ولقد قال الرئيس في خطابه امام اللجنة الوطنية لانتخابات المجلس الوطني"أن جبهة البوليساريو تشكل مدرسة في صقل المواهب والتمرس على تحمل المسؤوليات لكافة النخب الصحراوية" . غير ان واقع الحال - مع الاسف- شيء اخر ، فاي صقل واين المواهب في اللجنة المذكورة البالغ عددها 125 عضوا اذ ان اكثر من ثلثيها مسؤول عن تسيير الشأن العام منذ سنوات عدة بل ان بعضها ان لم يكن معظمها تحوم حوله شبهات الفساد .

وعندما يقول الرئيس في نفس الخطاب " أن تشكيل لجنة وطنية للإشراف على استحقاق تجديد عهدة المجلس الوطني الصحراوي ، تضم إطارات ومناضلين من مختلف أطياف المجتمع يشكل رسالة قوية بأن البوليساريو تراهن على تأهيل وتكوين الكادر الوطني الذي سيكون دعامة لضمان المستقبل" لا نفهم القصد من هذا الكلام ولا ندري ما معنى اطياف، فقد تجد وزيرا ومعه امين عام نفس الوزارة اعضاء في اللجنة فلمن تركت الوزارة اذن وشؤون موظفيها؟ خاصة ونحن في نظام تتوقف الحياة في مؤسساته بغياب المسؤول الاول في الجهة. وقد تجد عضو هيئة ما سابق وقد وقد ...الخ .

ما زال الانفصال عن الواقع متسيدا، ومازال الاصرار على السير في الطريق المسدود منهجا، ومازال الامل في الاصلاح بعيدا.

Share Link: