فرعون الربوني حذار من الكارثة. طباعة
الأخبار - أخبار وأحداث.
السبت, 26 ديسمبر 2015 21:03


في البداية ارجو المعذرة عن استخدام كلمة “فرعون” التي قد لا تليق بمقام السيد رئيس الجمهورية، لكنه وجب التذكير ان نظامنا الحالي سبق وأن استخدم الفاظا خارجة عن حدود اللباقة في وصفه لشيوخ الجماعة الذين عينهم المستعمر الاسباني، حيث وصفهم قبل 40 سنة بـ “شويخات فرين” رغم ان تقاليدنا الصحراوية لا تسمح بوصف كبار السن بهذا الوصف بغض النظر عن اختلافنا معهم سياسيا.

ولا اخفي انني ترددت كثيرا في كتابة اي مقال حول المؤتمر الشعبي العام الرابع عشر، ليس خوفا من سيادة الرئيس و نظامه ، او طمعا في المناصب التي سيوزعها على مزاجه بعد المؤتمر ، بل تعاطفا مع وضعه الصحي الذي فرض على كثيرين التزام الصمت مع تمنياتنا لفخامته بموفور الصحة والعافية، ولكن بعد ان تابعت ما جرى في مؤتمر الداخلة، من تدخلات غير مسؤولة وممارسات ذكرتنا بما جرى في مؤتمر تفاريتي من قمع للمشاركين واحتقار لمقترحات القاعدة الشعبية، وجدت نفسي مضطرا للكتابة، رغم معرفتي المسبقة ان هناك تهما جاهزة لأي شخص قد يتطاول على رأس النظام، وهي تهم اقلها العمالة والاندساس ومحاولة تخريب الوحدة الوطنية، لكني تذكرت ان الصمت عن سياسات “فرعون” هي اكبر خطر على الوحدة الوطنية وعلى السلم الاجتماعي الذي اصبح على كف عفريت في ظل نظام اقدم رئيس في العالم.

من الصعب الكتابة عن شخص الرئيس الصحراوي، لانه هو المقاتل وقائد الناحية ، وجريح الحرب وحامي الوحدة الوطنية، لكن للأسف انه هو نفس الشخص الذي دمر المؤسسة العسكرية وأعاد الروح الى نظام المحاصصة القبلية، وقتل في عهده 49 من ابناء الشعب الصحراوي، ولازال يتستر على المجرمين ويضمن لهم حصانة بمناصب وزارية. و وجب التذكير هنا بان اكثر من دفع الثمن في ساحات المعارك هم نزلاء مركز الشهيد الشريف بالنخيلة، الذين يعيشون في ظروف اقل ما يقال عنها مأساوية وعلى بعد اقل من كيلومتر واحد من احد قصوركم الرئاسية ، مع الاشارة الى ان ميزانية مأدبة غداء واحدة كافية للتخفيف من معاناتهم الصامتة، ولا ننسى كذلك تذكيرك ان ابطال الجيش الصحراوي قبل 91 تم تهميشهم في المشهد السياسي، ولم يبقى امامهم من خيار الا حقول “فرانكو”، او فُرضَت عليهم الخيانة بعد ان تم تشويههم وتخوينهم واقصائهم من قبل نظامكم.

كنت اتمنى ان اناديك بسيادة الرئيس لكني وجدت ان الكثير من الصفات الفرعونية متوفرة في شخصكم، ومنها :

1 – احتكار القرار السياسي : حيث لا يسمح لاي كان بمشاركتكم في القرارات المصيرية، وخير دليل تدخلاتك غير المسؤولية في المؤتمر الرابع عشر للجبهة ومن قبله المؤتمر الثالث عشر، بعد ان وقفت سداً منيعا امام اي اقتراح من القاعدة الشعبية، وقبل ذلك وقعت انت ونظامك على قرار وقف اطلاق النار، وعلى تقاسم ثرواتنا مع العدو المغربي دون استشارة الشعب الصحراوي.

2 – البقاء على الكرسي مدى الحياة : وهذا ما ظهر جليا بعد فوزكم للمرة الثانية عشر على التوالي، ليصبح سيادتكم اقدم رئيس في العالم ووصمة عار في تاريخ الشعب الصحراوي.

3 – عدم الاحساس بمعاناة الشعب : وهو ما اثبتته المصاريف المبالغ فيها من اجل انجاح عرس ولاية الداخلة، حيث تم صرف الملايير لبناء قاعة وسط ولاية مدمرة بعد الفيضانات. وملايير اخرى تم صرفها على تنظيم المؤتمر الذي خرج بنتيجة مخيبة للآمال.

وكنت اتمنى ان يناقش المؤتمر بعض المستجدات ذات العلاقة مع قضيتنا الوطنية ومنها :

1 – مستقبل مسلسل التسوية الاممي بعد رفض المغرب الدخول في مفاوضات مباشرة مع جبهة البوليساريو، وهو ما يعني اطلاق رصاصة الرحمة على اي تسوية سلمية برعاية اممية في الصحراء الغربية، وقبل المؤتمر الماضي صرح احد مستشاريكم ان رفض المغرب التفاوض مع جبهة البوليساريو سهل الخيارات على المؤتمر، لكن اصراركم على فشل المؤتمر صعب الخيارات على كل الشعب وهذا ما قد يعطي شرعية مستقبلا لمن اصبح ينادي بالبحث عن بديل لجبهة البوليساريو التي تحولت في عهدتكم الى ما يشبه الشركة العائلية بعيدا عن جبهة كل الصحراويين.

2 – انعكاسات تصريح اسعيداني الذي لم يقدم اي اعتذار او توضيح لتصريحه المثير للجدل، خاصة وان سعيداني ليس تاجر للخضار بسوق تندوف الجزائرية، بل رئيس لأكبر قوة سياسية في الجزائر الشقيقة التي لا ينكر اي جاحد فضلها في استضافة الشعب الصحراوي بعد الغزو المغربي، لكن هذا لا يثنينا عن التفكير في مستقبلنا على ارض بات أحد ابنائها وأكثرهم نفوذا يهدد بأن كلامه عن القضية الصحراوية سيخرج الشعب الجزائري الى الشارع.

ان الصورة الحقيقية لواقع القضية الوطنية بعيدة كل البعد عن الانتصارات الوهمية التي لا وجود لها الا في وسائل الاعلام الوطنية او لدى مستشاريك المقربين او ألمضللين ان صح التعبير، لان وظيفة المستشار هو ايصال الصورة الحقيقة لمن يستشيره، اما مستشاري الكتابة العامة فوظيفتهم هي التضليل وصنع الانتصارات الوهمية التي لم تحرر ولو شبر واحد من التراب الصحراوي منذ عام 1991، فواقع الحال يقول ان الاحتلال يُحكم سيطرته على الارض والثروات ويقمع اهلينا بالمناطق المحتلة، اما رسائلكم الى الامين العام وتهديداتُكم بالعودة الى الحرب فاصبحنا على يقين ان العدو المغربي هو من سيبادر بالعودة الى الحرب قبل نظامكم.

كما ان كل المعطيات تقول ان الصحراء الغربية لن تنال استقلالها في ظل رئاستكم، وبان مصير اسود ينتظر الشعب الصحراوي بعد تفجر القنابل التي زرعتموها في المشهد السياسي مثل القبلية وتفتيت المؤسسة العسكرية الى مليشيات متعددة، وتدمير الانتفاضة التي كنا نعول عليها كصمام امان قد يقينا اي هزات غير محسوبة في ارض الجزائر، لكن للاسف ان سياسة اليورو دولار التي انتهجها سيادتكم دمرت الانتفاضة وأفرغتها من مضمونها ، وطبعا الهدف واضح وهو القضاء على اي منافس لشعبيتكم في المشهد السياسي. كما ان من تعولون عليهم من “صفاكة” ومنافقين سينقلبون عليكم بمجرد تلاوة الفاتحة على روحكم الطاهرة، وسيحملونك كل الكوارث التي حلت بالشعب الصحراوي منذ استلامك للسلطة، وسيقولون انهم لا حول لهم ولا قوة امام امتلاءاتك وانك كنت الامر الناهي ، لذا انصحك بمعرفة كيفية التعامل مع حزب “الصفاكة” قبل ان يحولوك من زعيم وطني الى مجرم وطني.

سيادة الرئيس عليك ان تستفيق من نومك العميق، فقصورك الرئاسية موجودة على الاراضي الجزائرية اي على ارض بومدين وبوضياف وسعيداني، وان كنت وأعضاء نظامك قد ضمنتم إقامات وجنسيات وفيلات ومشاريع في بلدان اجنبية، فان معظم شعبكم لا يملك الا “الغرفة” التي توزعها المنظمات الدولية و “رحمة ربي” فقط، ما يعني ان الاستمرار في سياستكم التدميريد الحالية سيدفع ثمنها المواطن البسيط عاجلا او أجلا، وقد يتحول دعائه لكم الى الدعاء عليكم، كما جرى في الكثير من البلدان التي كان يحكمها نظام الشخص الواحد والحزب الواحد.

ان الخطر الاكبر الذي يواجه نظامنا هو ارتباطه بشخص واحد. وسيصبح زوال ذلك الشخص لا قدر الله يعني حلول الكارثة بالدولة والنظام. ولا يخفى عليك سيادة الرئيس انك اسست نظاما على مقاسك، وقبل الذهاب الى الدار الاخرة ارجو منك يا سيادة الرئيس ان تصنع خليفة لك من طينة نظامك لحماية ما تبقى من وحدة وطنية، ومكتسبات وسلم اجتماعي، واقول خليفة من اعضاء نظامك، لأننا على يقين انكم لن تتنازلوا عن مناصبكم وقد ترفعون مستقبلا نفس الشعار الذي رفعه نظام الرئيس السوري بشار الاسد وهو شعار “الاسد او نحرق البلد” وهذا بعد تعديله ليتناسب مع وضعنا الصحراوي ليصبح “انتخبوني أو نحرق الرابوني”.

فضلت الكتابة في هذا الظرف الحساس، رغم ان الموسم السياسي يفرض عليا التزام الصمت مثل كثيرين سيصمتون طمعا في المناصب السياسية أو الدبلوماسية التي سيعلن عنها في المرحلة القادمة، لكني على يقين ان سجلي بمجلة المستقبل الصحراوي كفيل بحرماني من اي منصب في نظامكم السياسي، لذا فضلت تقديم النصيحة قبل حلول الكارثة.

بقلم سعيد زروال.

Share Link: Share Link: Bookmark Google Yahoo MyWeb Digg Facebook Myspace Reddit