الم يئن الأوان للشباب ان يتولى القيادة. طباعة
الأخبار - أخبار وأحداث.
الأحد, 24 يوليو 2016 19:18

بقلم : الدكتور بابا مصطفى السيد.

في ظروف استثنائية تبوات مجموعة معينة من اعضاء اللجنة التنفيذية مراكز القيادة سنة 1976و بعدها. فتبنت هذه المجموعة التي أظهرت الوقائع أنها لم تكن مؤهلة لمسك المقود، سياسة الترهيب و الغلظة و الشدة في التعامل مع الاخرين .. و لأنها كانت مقتنعة أنها تمتلك الحقيقة، كل الحقيقة ، فقد عملت على تكميم الأفواه و فرض إرادتها من خلال تعيينات غير مستحقة في مناصب المسؤولية لوجوه لا تتوفر فيها ابسط المقاييس المتعارف عليها لتحمل المسؤولية”. و اجهدت بلخمقابل على كل من سولت له نفسه معارضة قراراتها الاعتباطية أو الوقوف في وجه سياستها التي كانت سمتها و طابعها الرئيسي مزاجها المتقلب و تهورها الساخر من الغير…

أمام هذه المجموعة انتصبت فئة أخرى سنة 1988 معتمدة كل الأساليب و الطرق دون تمييز للإطاحة بحكم المجموعة الاخرى.فلم يتوانى ماسمي مجازا “بحركة 88” في انتهاج سياسة قبلية امام الملأ.،سياسة كان من نتائجها المباشرة نسف كل مؤسسات التنظيم الناشئ و زرع الشك و الريبة في مصداقية و أهداف المشروع الوطني و طبيعته .. و بذلك اقبرت السلطة و غاب الانضباط و عم التسيب و الغوغائية في العقول و الممارسات، و وصل الامر الى حد ان أصبحت الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء وواد الذهب أشبه بنظام ملوك الطوائف اذ حلت محل الدولة قبائل و عشائر تدين بالولاء و الطاعة لرموز شغلها الشاغل استغلال “مجد و تاريخ”القبيلة للمنفعة الشخصية و على حساب التنظيم و المصلحة العامة.

على صعيد اخر استشرى و تفشى الفساد على نطاق مدهش و مفزع و اصبح “اللي كان يكتل ما اتلى يحشم”، فبعد أن كان الصحراويون أصحاب قضية و محامون ناجحون عنها تم تقزيم دورهم و حولوا إلى ” شحاتين” و لم يعد هم جل المسؤلين الأول و الأخير الدفاع عن المصلحة العامة بل البحث عن الإمكانيات المادية و وسائط الغنى الشخصي .. غابت كل القيم و الشمائل التي كانت تشكل إلى وقت قريب أرضية التعايش و التعاضد بين اعضاء المجتمع الصحراوي المكافح فأصبح هم “القائد”هو ترتيب اولوياته وفقا لمقتضيات الإبقاء على سلطانه و كرسي عرشه…

لقد ضاعت البوصلة و بفقدانها اصبح المواطن الصحراوي في حيرة من امره ولم يعد يجد تفسيرا مقنعا لوجوده، و لا معنى لحاضره و مستقبله.

بإختصار هذه هي خصوصيات الظرفية التي ينعقد فيها المؤتمر الاستثنائي للجبهة شهر يوليوز المقبل.. مؤتمر افرغته “الأمانة الوطنية “من محتواه الفعلي بعد أن صادرت مسبقا إرادة الشعب الصحراوي و قررت بتسلط ممنهج تنصيب نفسها وصية عليه كونها لم تبق على جدول اعمال المؤتمر الا نقطة واحدة ، في الحقيقة قد حسمت سلفا، وهي تعيين امين عام و رئيس دولة جديد. بهذا التصرف تكون الامانة الوطنية قد خالفت كل القواعد و التقاليد المتعارف عليها لدى كل التنظيمات السياسية، صغيرة كانت ام كبيرة، والتي تفرض انه عند تغيير راس الهرم تتغير كل دعائم السلطة الاخرى (حكومة ،برلمان، مستشارين…الخ )، بل اكثر من هذا لقد فرضت الامانة الوطنية نفسها سلطة فوق المؤتمر الشعبي العام …بل واهم منه …

أمام هذه التحديات ما العمل ؟

لقد خسر الشعب الصحراوي الكثير من طاقاته و إمكانياته و سمعته في حرب المواقع و المتاريس التي نظمها البارونات منذ 1988. لقد فقد مؤسساته التي كانت فخرا و مصدرا لاعتزازه و شموخه .. لقد فقد أيضا تحت ضغط تلك الصراعات المتواصلة من اجل السلطة الانسجام الضروري و الوحدة التي اصلت لها قيم و شمائل المجتمع الصحراوي الراقية عبرالعصور…

واصبح ينظر الينا بعين الريبة و التوجس من القريب والبعيد. ذلك ان سلطتنا (او ما تبقى منها) لم يعد همها الدفاع عن مصالح المواطنين و الحرص على سمعتهم كما كان الشان في سابق العهد، و مرد ذلك كونها أصبحت اليوم مهترية لا تضمن وجودها الشكلي و الرمزي إلا بالقدر الذي تستجيب به لﻹبتزازات المتكررة للبارونات و ضغوطاتهم غير عابئة بالشعب و معاناته… و مع هذا يظل املنا كبير في أن الرئيس الذي سيقع عليه الأختيار يعي جيدا خطورة و دقة المرحلة و يعرف مسبقا أن إنقاذ المشروع الوطني من التلاشي يكمن ليس في تقسيم “لكرع” و إرضاء البارونات و لكن في التأسيس من جديد لدولة الحق و القانون التي تعلو و تسمو فوق الرجال و نزواتهم و مصالحهم الضيقة و تعيد قطار النضال و التحرير الى سكته لينطلق من جديد بإرادة و عزيمة رجال و نساء ظل همهم الوحيد هو الوفاء بالعهد، اي العودة لوطنهم معززين مكرمين أو فناءهم دون ذلك و هم ما بدلوا من قناعاتهم و تصميمهم تبديلا..

انتهاج طريقة غير هذه، يعني فقدان الرئيس الجديد، في ظرف وجيز، لمقومات القيادة و بالتالي دفع الصحراويين الى التسليم باستحالة أملهم في بناء دولة يعيشون يوما من الأيام تحت سقفها و تحفظ لهم كرامتهم و حريتهم و خصوصياتهم بين شعوب و دول العالم…

Share Link: Share Link: Bookmark Google Yahoo MyWeb Digg Facebook Myspace Reddit