الصحراويون في المخيمات هل هم لاجؤون او محتجزون؟؟ طباعة
الأخبار - أخبار وأحداث.
الأربعاء, 02 أغسطس 2017 22:27

المحتجزون في المخيمات، مصطلح طالما استخدمته وسائل إعلام ادريس البصري للتعبير عن اللاجئين الصحراويين بالمخيمات، وطالما نفته قيادة الجبهة ومن ورائها الجزائر في اكثر من مناسبة، ولكن يظهر مع مرور الوقت ووضوح الكثير من المعطيات، ومع تعلم الكثير من شباب المخيمات، وبعد ان كسر شباب اسواعد بزعامة المقاتل الجريح افظيلي ولد بابا ولد جولي عنجهية القيادة والقضاء على ما كان يعرف بالرخصة، واصبح التنقل بين المخيمات مسموح به ومفتوح على مصراعيه، رغم ان هناك مناضلات قضوا اكثر من 30 سنة في ارض اللجوء بتراب لحمادا القاحلة لم يدخلوا مدينة التندوف ولا مرة واحدة، بدأت تظهر للعيان تصرفات جزائرية غير مستساغة، في البداية من طرف اجويندة، وبعد ذلك السلطات الجزائرية العسكرية والمدنية، وصلت في بعض الأحيان المس من كرامة اللاجئين واللاجئات في التعامل معهم سواء في المطارات ومع الطائرات العسكرية او الموانئ او حراسات المراقبة للدخول نحو التندوف او الخروج منها، وصل قمة الوقاحة عندما بدؤوا ينزعون من الجالية الصحراوية التي تعيش بالخارج جوازات سفرهم، مما يعرضهم لمشاكل لا حصر لها اخفها فقدان مناصب عملهم نتيجة للتعطل إنتظار تسلمهم لجوازات السفر المنزوعة منهم، وهي ظاهرة لم تطبق في اي منطقة من العالم، ولا حتى في المناطق التي يديرها المغرب  من الصحراء الغربية، ومما زاد الطين بلة هو ما يسمى بأمر بمهمة، وهي (وثيقة أردمسيون) المفروضة على الصحراويين الذين يريدون السفر خارج المخيمات، حتى ولو كانوا يحملون جوازات سفر جزائرية... والتي تسلم لهم من طرف المخابرات العسكرية الجزائرية.
وهذه الأيام بلغ السيل الزبى عندما بدأت السلطات العسكرية الجزائرية تمنع شباب المخيم من السفر خارج التراب الجزائري... فمنذ ازيد من شهر يعيش العديد من الشبان الصحراويين مأساة حقيقية ستكون لها لا محالة تداعيات خطيرة في قادم الأيام، إن لم يتم تداركها قبل فوات الأوان،  وهذا بعد منعهم من السفر الى خارج الجزائر رغم حصلوهم على تأشيرات من السفارة الكوبية بالجزائر، واكملوا كافة الاجراءات القانونية للسفر قبل ان ترفض السلطات الامنية الجزائرية وثيقة “اردمسيون” خارج الجزائر التي تمنح استثناءا  للاجئين الصحراويين، من طرف المخابرات العسكرية الجزائرية... و قال أحد الشبان المتضررين من العملية في تصريح لوسائل الإعلام: أن السلطات الامنية الجزائرية قالت انها استجابت لطلب السلطات الصحراوية ممثلة في السفارة بالجزائر، فيما نفت السفارة الصحراوية ذلك، والضحية في الاخير اولئك الشباب الذين حاولوا الاعتصام أمام وداخل السفارة الصحراوية بالجزائر ومنعتهم السلطات الجزائرية، ومنذ ذاك الحادث والامور تزداد تعقيدا، لأن القيادة   لم تتدخل ابدا في هذه الإهانات التي يتعرض لها اللاجئون الصحراويون من طرف السلطات العسكرية الجزائرية ما دامت لا تمسهم و لا تمس عائلاتهم...
غير ان الحادثة الجديدة تعيد طرح السؤال الجوهري حول قانونية الاجراءات التي تتخذها السلطات الجزائرية تجاه الصحراويين، وهل نحن لاجئون أم محتجزون لدى السلطات العسكرية الجزائرية، ومدى توافق هذه الإجراءات، مع القانون الدولي الذي يمنح حرية التنقل لمن شاء ومتى شاء ويلزم الدول باحترام تعهداتها الدولية ولعل اهمها حرية التنقل والتعبير والعيش الكريم  لكل اللاجئين في العالم.
بحثا عن العيش الكريم وخوفاً من الوقوع فريسة سهلة لإغراءات عصابات المخدرات شرع اولئك الشبان في ركوب مغامرة الهجرة بطريقة شرعية وذكية، خوفا من العار، الطريق الى هافانا ولكن الهدف هو اوروبا وتحديدا اسبانيا، لم يرتكب اولئك الشبان جرما يذكر ولا يحمل احدهم حكما قضائيا يمنعه من السفر خارج المخيمات واغلبهم لديه وثائق سفر قانونية واتم اجراءات الفيزا بطريقة سليمة فلما يتم منعهم من السفر من طرف السلطات العسكرية الجزائرية؟ .
شدة المرارة التي تحدث بها الشاب الصحراوي محمود بوسيف الذي رحل قسرا من فرنسا الى الجزائر ، وسوء المعاملة والاستقبال الذي تلقاهما من الاشقاء الجزائريين، تضاف لها المعاناة التي يعيشها اولئك الشبان في عاصمة الجزائر حين يجدون احلامهم تتبدد بلا سبب يذكر، سوى انهم لاجئون، وقبلها طبيعة المعاملات التي يتلقاها يوميا اغلب المهاجرين الصحراويين في الموانئ الجزائرية والتي عادة تكون قاسية ومرتبطة بتقديم رشاوي لرجالات الجمارك والشرطة الجزائريتين، كل ذلك يورط الحليف في تحقيق حلم المخزن، فلمصلحة من يتم التضييق على الصحراويين ؟  وهل سياسة التضييق تلك ممنهجة ام تصرفات شخصية تتم دون علم السلطات الجزائرية العلياء؟  واي شعور يتملك المواطن الصحراوي وهو يقاسي هذه المعاناة التي تصل الى حد المساس بالكرامة الشخصية؟ ما عدا كره الثورة والجزائر...
يتحرج الجزائريون كثيرا من مصطلح “الحقرة” ويمقتون اللفظ مقتا شديدا، بل ويرى بعضهم ان ثورة نوفمبر قامت اول ما قامت ضد “الحقرة” الفرنسية للجزائريين، تتماشى الحقرة مع المصطلح الشعبي الصحراوي “الركة” لذلك يفضل الصحراويين الموت لأنها “فرظ” ويمقتون “الركة” لأنها ليست قدرا مقدرا، في فلسفة المجتمعين تقاطع يكاد لا ينفصل مبني على ان الكرامة هي جوهر الحياة .
تلك الكرامة المنشودة هي التي حتمت على الشباب الصحراوي ركوب كل المخاطر لتحقيق الحد الادنى منها في انتظار السقف الاعلى وهو الحرية والاستقلال، لذلك هاجر الشباب الصحراوي في البر والبحر والجو لأجل لقمة عيش بلا من من القيادة ولا حتى الحليف، غير ان طريق الكرامة لم يكن مفروشا بالورود .
الخوف من نبش حساسية العلاقة بيننا والحليف تحت اي ذريعة كانت ستظل الشجرة التي تغطي غابة خيبتنا من الحليف التي تتوسع هوتها يوميا دون البحث في أسباب تلك الهوة، ما دامت لا تمس القيادة ولا عائلاتهم، وهو ما سيدفع الكل ثمنه في الاخير،  وبعد سنوات من التسامي المتملق عن جوهر خلافاتنا والحليف سيعض الكل اصابع الندم، فما كان متجاوزا عنه بالأمس لن يكون مقبولا اليوم سيما وان الشباب الصحراوي المقهور اضحى يتملك ثقافة وفهما للأمور والقوانين الدولية، وسلوكا عدوانيا لا يمكن لأي كان لجمه .
كيف يمكننا تفهم شعور شاب قضى عمره في حفرة “ابريك” لصناعة الياجور، بحثا عن تأمين مبلغ “فيزا” بالحلال ودون اللجوء الى الدين، او الركوع للقيادة، وحين يبيع “اللي قدامو واللي اوراه” ويبدا معانقة حلم الهجرة تتبدد أحلامه بمجرد جرة قلم لا غير، شاب آخر استدانت له امه أرملة الشهيد مبلغ “الفيزا” من خاله التاجر وحين وعدها برد الجميل تحول الحلم الى سراب لم تغطيه اشجار الصنوبر والفلين رغم كثرتها بالعاصمة الجزائرية .
من مخيم ضاق فيه الافق واضحى هواه مالحا ملح مياهه وندرتها،  لا يصنع فيه الاحلام الا القيادة أو أهل المخدرات، خرج الشباب الصحراوي بحثا عن حلم الاسرة والبيت السعيد والمستقبل المؤمن، لكن حلمه توقف بلا سبب طبيعي او قانوني يمنعه من السفر الى ارض الله الواسعة، خرقا لكل القوانين والمواثيق الدولية المرتبطة باتفاقيات جنيف حول حقوق اللاجئين، فكيف سيكون رده يا ترى؟ .
بين مطرقة الواقع الذي تصنع فيه القيادة احلامها وثرواتها، وسندان “أردميسون” المسلم من طرف المخابرات الجزائرية، يعيش الشباب الصحراوي واقعا مسكوتا عنه لكنه قد ينفجر في اي لحظة مخلفا جرحا يصعب علاجه، ولا ننسى أن معظم النار من مستصغر الشرر...
فقد قلنا لهذه القيادة الفاسدة ومن ورائها الجزائر، حذار فالطوفان قادم...

Share Link: Share Link: Bookmark Google Yahoo MyWeb Digg Facebook Myspace Reddit