لا .. لا .. لا يمكنني السكوت في ذكرى الوحدة الوطنية. بقلم : مصطفى عبد الدايم طباعة
الأخبار - الرأي والرأي الآخر.


أعرف أن سكين التخوين قد شحذت حتى قبل كتابتي لهذا المقال ، وأعرف أيضا ومنذ احتجاجي بولاية السمارة على أعضاء من القيادة الوطنية لسكوتهم عمن وضع نفسه بتمجيده للقبلية وإعتزازه بها خارج الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ، وأعرف كذلك أنني بنشري لعدة مقالات وفي مواقع الكترونية متعددة وجرائد ورقية معبرا عن موقف نقدي يدعو الى مراجعة عميقة لما أصاب الذات من قصور وتخاذل وما اعتراها من اختلالات وأخطاء لم يعد مبررا إلصاقها بالشروط الموضوعية ، كل هذا وما أعلنته على أمواج راديو ميزرات في لقاء خاص وما أعقبه على نفس الراديو أثناء أحداث اسا ، وما سبق ذلك في برنامج حوار الذي بثه التلفزيون الصحراوي وغير ذلك كثير يجعلني هدفا لسهام كل الذين يستفيدون من هذا الوضع المتأزم والمأزوم .
وللتارخ فقط  فمنذ الموقف الذي عبرت عنه في ولاية السمارة في اول زيارة وآخر زيارة لي ضمن وفد لمخيمات العزة والكرامة ، لم توجه لي بعدها اية دعوة من وزارة الارض المحتلة او مكتب كناريا رغم ان بعض الوجوه زارت بدعوة من الوزارة المذكورة ومكتب كناريا المخيمات عشرات المرات المتتالية، وفي المرة الثانية التي زرت فيها المخيمات لحضور الجمعية العامة لاتحاد الصحفيين والكتاب الصحراويين فقد امتنعت وزارة الارض المحتلة عن دفع ثمن تذكرتي رغم كوني عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الوحيد من المناطق المحتلة وجنوب المغرب ، ولولا أن جمعية فرنسية تكفلت بنفقات سفري لما أمكنني الحضور والمشاركة في هذه المحطة . ولم يكن من سبب لهذا المنع غير المعلن سوى إزاحتي من هذا الجهاز الجماهيري .
لذلك فلن يفاجئني أن تحرك الجهة التي بنت استراتيجيتها المستقبلية على استئصال وبتر كل توجه نقدي طموح مؤمن أن الثورة الحقيقية هي تلك التي تصنع في ذاتها مقومات وشروط تصحيح نفسها باستمرار ، وهي التي تعمل من خلال انتاج ثورة متجددة وليست مضادة لتدارك كل تناقض بين مبادئ واهداف الثورة وبين الواقع الذي قد يتناقض معها . قلت لن يفاجئني كما هي العادة في كل الثورات أن يتصرف المستفيدون من الوضع الحالي برعونة وقذارة .. الثورة الصحراوية لا يمكن أن تكون استثناء  فكل الثورات عاشت فترات تحريف وتزييف وتزوير وتكييف متناقضات لصالح البعض ، بل وبلغت في أحيان كثيرة حد التصفيات الجسدية ، كما استعمل المسيطرون ظرفيا عصا التخوين ضد من خالفوهم الرأي . بهذا المعنى لن اكون أول ولا آخر من ستلوكه أبواق معدة سلفا لمواجهة مثل هذه المواقف .. ولن أكون أول ولا آخر من ستستهدفه أدوات تعرف كيف تفصل اللحم عن الجلد .. أعرف كل هذا وأنا مستعد له مادمت مؤمنا كل الايمان أن تنظيما سياسيا لا يتسع لكل الآراء والأفكار وقادر على تدبير الإختلافات تنظيم قابل للتآكل ، ومادمت مؤمنا كل الإيمان أن ثورة لم تستطع صهر كل مكونات المجتمع الصحراوي في بوتقة واحدة هي ثورة في حاجة الى مراحل ضرورية لبلوغ مرحلة النضج .. ومادمت أيضا مؤمنا كل الإيمان أن دولة لم تكشف عن شكلها المستقبلي ، ولم تتحول بالسرعة المطلوبة الى دولة مؤسسات وتحول فيه الشعب من مجرد رعايا الى مواطنين ، مثل هذه الدولة ستكرر نفس التجارب المؤلمة التي عاشت شعوب من قبلنا ...
لقد عنونت هذا المقال بعدم إمكانية السكوت خصوصا ونحن على مشارف إحياء ذكرى الوحدة الوطنية... إن هذه الوحدة الوطنية التي لم يعد مستصاغا ولا مقبولا أن تستعمل فقط كشعار لدغدغة العواطف ، ولاخراس كل الأصوات التي تريدها إتحادا يجسد كل الإرادات الجماهيرية وكل مكونات المجتمع ويمنح نفس الفرص لكل المسارات النضالية ويتعاطى معها وفق الحلم التاريخي للثورة الصحراوية وليس وفق المحددات الموروثة عن الاستعمار ، لانه بغير هكذا إتحاد وطني نستمر في إجترار نتائج مهما كانت قيمتها التاريخية  فإنها لم تستوعب التوجه العام للثورة والمعبر عنه في فكر مفجرها الولي مصطفى السيد والذي ركز في أكثر من خطاب على أنها ليست شعارا ظرفيا ولكنها توجه استراتيجي قادر على استيعاب كل المستجدات التي تخدم أهداف الثورة .
الوحدة الوطنية  يجب أن نجعل من الاحتفال بها محطة تاريخية  للوقوف عند كل الاختلالات والاخطاء والسلوكات . لا أحد فوق المساءلة والمحاسبة خصوصا من يستعمل غطاء الثورة وإمكانات الجبهة والدولة الصحراويتين من أجل استهداف هذه الوحدة ، ومن أجل قتل كل نزوع مشروع نحو الرقي بهذه الوحدة الى مستوى الاتحاد المتفق على أسسه وأهدافه بناء على ميثاق وطني ...
مرة أخرى أقول لا ..لا..لا يمكنني عن السكوت والبعض ممن يزرعون بذور الفرقة والتفرقة .. ممن يغذون النعرات القبلية ويطورون أشكال الانتفاع الشخصي .. البعض ممن لا يمكن ونحن لسنا بالسذاجة السياسية  بحيث نركن الى كونهم مجرد أفراد وما يصدر عنهم مجرد أعراض شخصية ، لان الواقع يؤكد انهم توجه يعمل وفق مخطط يرمي الى محو كل المعارضين المفترضين على السطو على السلطة .. .
لا يمكنني السكوت عن وضع يسير بنا نحو إعادة إنتاج نموذج من الأنظمة السياسية التي يحاول الربيع العربي القطع معها .. كما لا يمكنني السكوت عن تنظيم سياسي يفترض أنه سيد نفسه بينما نلاحظ كل يوم ومع تزايد الاختلالات وتراكم الاخطاء انه رهينة أشخاص ورهينة احتقان سياسي عاشته المخيمات سنة1988 .
لا يمكنني السكوت عن تنظيم سياسي وعن دولة ومؤسساتها تخضع للابتزاز السياسي .. وعليه اهلا وسهلا بمعاولكم وسكاكينكم ياحماة القبلية والزبونية والمحسوبية .. ياكل الساكتين عن الفساد والمفسدين .. يا كل من ابتلعوا السنتهم عندما اعتقل الصحفي السالك الصلوح ...
لا لن أسكت عن سرقتكم لحلم شعب تحت شعار وحدة وطنية تريدوناها حاجزا بينكم وبين النقد والنقد الذاتي كأحد مبادئ ثورة العشرين ماي .

Share Link: Share Link: Bookmark Google Yahoo MyWeb Digg Facebook Myspace Reddit