جرائم القيادة بحق الثوار الموريتانيين... بقلم الدكتور محمد سعيد القشاط... طباعة
الأخبار - جرائم قيادة البوليساريو.

وقد أثيرت في الساحة الوطنية قضية  معاناة وعذابات الشباب الموريتاني في مخيمات البوليزاريو ونعرضها برواية  الدكتور القشاط السفير الليبي السابق في المملكة العربية السعودية إجلاء للحقيقة حيث يقول  :
" بقيت يومين في المخيمات حيث جلست مع الأمين العام الجديد ونقلت إليه تحيات قائد الثورة  كما تحدثت معه شارحاً النقاط التي سبق وأن اتفقت فيها مع الولي رحمه الله بما فيها اتخاذ الثورة الصحراوية بؤرة للثورة بالمغرب العربي ومطالبة التونسيين والمغاربة والموريتانيين بحمل السلاح في الصحراء مع الصحراويين والإتحاد ثورياً مع فصائل الثورة في هذه المناطق للوصول للوحدة الشاملة بين بلدان المغرب العربي ..."

"...عدت إلى طرابلس حيث اتصلت بمجموعة من الشباب الموريتاني الثوري الذين سبق وأن التقيت بعضهم بموريتانيا  في سنوات سابقة وأخبرتهم  بعزم أمين جبهة الساقية الحمراء ووادي الذهب الجديد على استمرارية تنفيذ البرنامج الذى اتفقت فيه مع الولي رحمه الله وقاموا بتشكيل جبهة سموها (جبهة تحرير شنقيط العربية ) وتقدموا بقائمة تحتوي على مجموعة من الشباب يرغبون في الالتحاق بالثورة الصحراوية على أساس برنامج (ثورة الساقية الحمراء بؤرة الثورة في المغرب العربي ) . وانتقلت إلى الجزائر في شهر يونيو 1977م أطلب من الصحراويين أن يأخذوا إذناً للمجموعة للدخول للجزائر . وفي صباح يوم 17 يونيو 1977م جاءني للفندق شخص من رئاسة الجمهورية وهو ضابط استخبارات يدعى محفوظ سبق وأن عرفته وأخبرني أن الجزائر على استعداد لاستقبال الموريتانيين وإيصالهم للثورة الصحراوية . وهنا اتصلت بالهاتف من مكتبي في طرابلس طالباً من أحد الإخوة أن يؤجر حافلة للموريتانيين وينقلهم عن طريق غدامس ويرسل أحدهم جواً إلى الجزائر العاصمة ليلتقي مع الصحراويين والجزائريين لمناقشة تفاصيل انضمامهم للثورة . وفعلا تم ذلك ودخلت المجموعة حيث وصلت تيندوف ..."

 

" أما عن أولئك الثوار الموريتانيين الذين لبوا نداء قائد الثورة الصحراوية الولي الرقيبي . وبعدما جاؤوا لمناصرة الثورة والدفع بها إلى آفاق أرحب ووصلوا إلى تيندوف في شهر يوليو 1977م انقطعت أخبارهم وكلما زرت المنطقة سائلاً عنهم وطالباً رؤيتهم يعتذر الصحراويون بكل أسف أنهم بعيدون من هنا وأنهم في مواقع متقدمة ولا سبيل إلى الوصول إليهم وكنت أصدقهم . وعندما زرت موريتانيا في أواخر عام 1978م جاءتني رسالة من أحد أولئك الشباب يشرح لي الوضع الذي وجدوا أنفسهم فيه ويحملني مسؤولية ذلك . قال ذلك الشاب أنه فر من المجموعة وهرب عبر عدة دول حتى وصل إلى موريتانيا والقصة هي أن الصحراويين وضعوا المجموعة في مخيم بالصحراء وشددوا عليهم الحراسة ومنعوهم من الاتصال أو السفر أو حتى الخروج من ذلك الموقع . وسحبوا منهم أجهزة المذياع والكتب والأوراق وجعلوهم مقطوعين عن العالم . يعاملونهم معاملة الأسرى ويجلدونهم لأتفه الأسباب ويضعونهم في السجن الانفرادي . وتمزقت ثيابهم وأحذيتهم وبقوا حفاة عراة في حر الصحراء اللافح وبردها القارس واتهموا بأنهم جواسيس أرسلتهم ليبيا !! ترى على ماذا تتجسس ليبيا على الصحراويين وجميع ما يملك الصحراويون من ليبيا ؟ وطلبت المجموعة إطلاق سراحهم والسماح لهم بالرجوع إلى ليبيا فرفض الصحراويون ، وطلبوا من الصحراويين السماح لهم بالاشتراك في الحرب فرفضوا . وكان رد الصحراويين أنكم جئتم عن طريق الجزائر وهي التي وضعتكم هنا ولا نستطيع التصرف فيكم إلا بأمرها . فطلب الشباب السماح لهم بالاتصال بالجزائر فرفض الصحراويون . وهنا أضرب الموريتانيون عن الطعام احتجاجاً على سوء المعاملة واستمر الإضراب تسعة أيام دون أن يأتي بنتيجة وهنا فكوا الإضراب أمام سوء حالتهم الصحية . وكتبوا عريضة هربوا بها اثنين من رفاقهم ليصلوا بها سفارة الجماهيرية بموريتانيا . ولكن الشابين الذين كان عليهما أن يقطعا ألفي كيلومتر على الأقدام قبضت عليهما دورية صحراوية وضربا وأعيدا للسجن بالمخيم . وهنا قرر الموريتانيون إعداد مسيرة للقيادة الصحراوية ليشرحا للمسؤولين الصحراويين الذين لم يلتقوا بالموريتانيين . فأطلقوا عليهم النار وقتل أحد زملائهم المدعو محمد الأمين وكان طالباً بمعهد المعلمين بالزاوية بالجماهيرية وجرح اثنان هما عبد العزيز محمد الأمين ، وعبد الرحمن ولد حمدو . ورجع الشباب إلى المخيم ليقاسوا ظروف السجن والضرب والاضطهاد وبقوا على هذه الحالة ثلاثة أعوام كاملة إلى أن هاجم المقدم أحمد سالم والمقدم محمد عبد القادر بمجموعة من الجنود نواكشوط قادمين من المغرب حينذاك قدم إليهم أحد المسؤولين الصحراويين وألقى فيهم خطاباً قال فيه : " إن بلادكم موريتانيا في خطر وعليكم إنقاذها وإياكم أن تخبروا أحداً بما لاقيتموه عندنا . إذا أفشى أحدكم هذه الأسرار فإن يد الثورة الصحراوية طويلة وقادرة على تصفية أي واحد منكم " . استقلوا مجموعة من السيارات يشرف على المسيرة أحمد البطل أحد المسؤولين العسكريين الصحراويين وفي قرية (ميجك) تم تسليمهم للموريتانيين على أساس أنهم أسرى حرب  ولم ينس الصحراويون أن يلبسوهم ملابس وأحذية . وعند استجوابهم في نواكشوط تبين أنهم ليسوا أسرى ولا عسكريين فأودعوهم السجن عدة أشهر ثم أطلقوا سراحهم .
وهنا عين الذين كفروا منهم بالثورة في وظائف موريتانية . أما أولئك الذين لم تنطفئ منهم جذوة الثورة فسجنوا بتهم مختلفة أما بعثيين أو ناصريين  أربعة منهم فروا ووصلوا طرابس 1984م حيث التقيت بهم وأخبروني بقية القصة ولقد رفض بعضهم زيارتي لأنني في نظره سبب المأساة . وهكذا كان لهذه المجموعة المناضلة حظاً تعيساً مع الأسف كنت أنا بدون أن أقصد وراء عذابهم هذا وتشردهم وسجنهم وممن ؟ من المجموعة التي جاؤوا لنصرتها . حقيقة أن الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة  لقد كانت ثقتي اللامتناهية في أصدقائي الصحراويين سبب مأساة هذه المجموعة الثائرة ." هكذا إذا كان شبابنا ضحية الشعارات ولعبة المخابرات رحماك يا رب من يعوضهم من ينتصر لهم ؟ عذر أقبح من ذنب .

محمد سعيد القشاط ،الأسراب الجانحة  ، دار العلوم العربية ، بيروت ، ط1 ، 1988، ص326-3

Share Link: Share Link: Bookmark Google Yahoo MyWeb Digg Facebook Myspace Reddit