أين هي الجبهة الشعبية التي كانت الممثل الشرعي والوحيد للشعب بقلم الأستاذ: يحي محمد سالم طباعة
الأخبار - أخبار وأحداث.
الأحد, 20 يناير 2013 22:37

قادني فضولي لمعرفة ماجاء في اللقاء الذي اجرته جريدة الصحراء الحرة مع عضؤ امانة جبهة البوليساريو ومسئول أمانة فروعها،وانا المتلهف الباحث عن كل ما من شأنه إعادة الحياة الى "تنظيم" حاربت في صفوف قواته ، واتحرق شوقا لرؤيته يعادو مقارعة مغتصبي ارضنا ومشردي شعبنا... اقتناعا مني بأن ما أخذ بالقوة لايسترد بغيرها ، وأن المشروع الثوري لتحقيق الاستقلال الوطني الذي استبدلته .الجبهة ب "تقرير المصير"ملاحقا "حقوق الانسان" لن يتأتى الا بالدم والرصاص.
اقول قادني فضولي ذلك الى مجلة المستقبل الصحراوي ، ورغم انها ليست المرة الاولى التي اسمع فيها بتلك المجلة بل انه سبق لي وأن قرأت بعض اعدادها ، الا ان قرأتها هذه المرة جعلتني امسك القلم مرغما وحال انتهائي تصفح عددها الاخير لأكتب

لابد لي اولا وانا المهاجر قسرا مثل كثيرين غيري من الاشادة ب "الثلة المؤمنة" القائمة على هذه المجلة ، وهو تنويه يتعدى تقدير وعيهم وكفاءتهم وغيرتهم على قضيتهم التي هي قضيتنا جميعا ووطنهم الذي هو وطننا جميعا ، يتعدى ذلك الى تعظيم شجاعتهم وإجلال اصرارهم وتحديهم الزمرة الحاكمة التي يكفي لإظهار سطوتها وخبثها التذكير انها ارغمت مؤسسين وقياديين واعضاء بارزين في "التنظيم" على خيانة دماء "رفاقهم" الذين سقطوا في ميادين الشرف تحت أوامرهم المباشرة أو غير المباشرة ، و"الإلتجاء" الى العدو الذي كانوا يمقتون ويحرضون على إفناءه بل كانوا السباقين الساعين الى اقناع الناس بعداوته
على غرار كل الصحراويين الذين يأملون ويسعون الى قيام الدولة الصحراوية المستقلة فإنه تدور في ذهني ، ولست الوحيد قطعا ، افكار وتساؤلات وإنشغالات ، ارجوا وأنا الآمل ان يتسع صدر طقم "المستقبل الصحراوي" وهم الساعون ، ان يتسع صدرهم لنشر هذا الذي اعتبره مقالا وان كنت لا استغرب وصفه بالخبط العشواء
ساتناول قضية الفصل والدمج التي طرحت في مؤتمر الجبهة الاخير، واقول لأنني وبكل صدق لا اعرف أي رقم حمل ، والمتعلقة بفصل "السياسي" عن "الاداري" على مستوى البلديات والدوائر وظلت لاسباب هي ذاتها اصل كل البلاء موضع تجاهل تام حتى ازف المؤتمر فصارت بقدرة القادر همّ "التنظيم" وشغله الشاغل ان الحديث عن اهمية الموضوع واكثر من ذلك طرحه ونقاشه وإقراره في المؤتمر العام للجبهة ليؤكد حيوية المسألة واستعجاليتها وهي في الحقيقة انعكاس لضرورة التغيير الهيكلي التي املتها متغيرات عدة لعل اهمها النمو الكمي والكيفي للمجتمع الصحراوي وعدم مسايرة اجهزة التنظيم لذلك النمو لاسباب تنتهي كلها الى حب التفرد بالسلطة وماتتيحه من إمتيازات.
نعم إن مسألة الفصل على قدر كبير من الاهمية غير ان معالجتها بهذه الطريقة لاتتعدى كونها "الركعة المتخطية الشك" ذلك ان مصدر الاشكال بين السياسي والاداري ليس ناتج عن "دمج" على مستوى البلديات والدوائر بل هو "الثمرة" الطبيعية لذلك الدمج الغامض بين الجبهة "الحزب" والجمهورية "الدولة" ، دمج انتهى الى اختزال كلا "التنظيمين" في شخص الامين العام للجبهة_ رئيس الدولة.
فالامين العام للجبهة "الحزب" يصير تلقائيا رئيسا للجمهورية "الدولة" وابرز مهامه "الحزبية" هي رئاسة مكتب اجتماعات الامانة الوطنية للجبهة ، امانة وطنية لايدرك اعضائها من مهامهم وطلاحيتهم وحقوقهم وواجباتهم الا ان عضويتهم في تلك الهيئة وبالتالي إمتيازاتهم مرهونة برضى الامين العام _ الرئيس عنهم ، فعلاوة على ان قانون الجبهة يخوله صلاحية تجميد عضوية أي منهم فإن سلطته لاحدود لها اذ تتخطى حتى سلطة مؤتمر "الشعب" العام  رغم ان القانون نفسه يعرفه "المؤتمر" بانه اعلى سلطة تنظيمية ، وان القيادة من امين عام واعضاء امانة وطنية تم انتخابهم لتنفيذ مقرراته ، وكيف لا وهو (الرئيس_الامين العام) يحتفظ بذات المدير المركزي للامن الوطني منذ أكثر من عقد من الزمن ضاربا بذلك عرض الحائط مقررات صريحة لمؤتمر "الشعب" العام
بينما يجمل قول المتنبي مادحا مشركا ، سيف الدولة :
شئت لاما شاءت الاقدار        أحكم فأنت الواحد القهار
مهامه الجمهورية ، فهو الذي يعين الطقم الحكومي من وزير أول ووزراء وكتاب دولة وأمناء عامون ، وهو الذي يحدد الولاة ومسؤلي الدوائر والمدراء المركزيين مدنيين وعسكريين ، وهو الذي يرقي قادة الفيالق والكتائب والفصائل ، وهو الذي يسمي المدراء الجهويين من مدنيين وعسكريين وكذا مدراء المدارس والمستشفيات مدنية كانت ام عسكرية ، ولا يشاركه احد في تعيين قضاة المحاكم الجهوية فما بالك بقضاة المحكمة العليا ، ولايكون رئيس البرلمان الا واحدا من ثلاثة عينهم هو ، ناهيك عن السفراء والممثلين ومسؤول المالية بالسفارة الصحراوية بالجزائر ، ولايحق لكل اولئك ولا "لغيرهم من أي كان لافي القريب والبعيد" ان يطالب بمعرفة الميزانية العامة "للتنظيم" (الجبهة والجمهورية ).
وهو القائد الاعلى لقوات مسلحة يفترض انها في حالة حرب "يعاونه" في ذلك وزير دفاع وطني وقادة نواحي ومدراء مركزيين لاناظم لعلاقة العمل التي تربطهم سوى المزاج واقتناع الجميع ان سلطات الرئيس_الامين العام هي سيف "ديموقليس" فوق رؤوسهم ، ولايزيد كون بعضهم اعضاء في الامانة الوطنية للجبهة الأمر الا تعقيدا ، ليس في علاقتهم بوزير الدفاع فحسب بل في علاقاتهم فيما بينهم ايضا.
تدعي الجبهة "الحزب" في قانونها الاساسي والجمهورية "الدولة" في دستورها انهما من الشعب والى الشعب، وان هدفهما هو خدمة المواطن بل وتعلنان صراحة ان مبرر اوجودهما وباعث شرعيتهما هو المواطن ورفاهيته "ونقله من واقع مرفوض الى واقع مقبول" وهو أمر يوجب ان تكون المؤسسات التنظيمية مرآة عاكسة بصدق رغبة المواطنين واختياراتهم، غير ان الواقع يقول عكس ذلك تماما ، فمؤتمر "الشعب" العام لايتعدى تلك المسرحية المأساوية_الهزلية المكرسة لهيمنة الزمرة الحاكمة وقدرتها على سلب المواطن حقه الوحيد والبديهي في الاختيار الحر لمن يقوده او يمثله ، وحتى إن تعدى ذلك واعطى حق الاختيار الحر فإنه يعطيه لنخبة المناضلين (الحزب) وليس المواطنين (الدولة) .
واما برلمان الجمهورية (الدولة) الذي يفترض انه "ابو" السلطات لكونه يعكس الرغبة الحرة والمباشرة للمواطنين فإنه لايملك من .الصلاحيات سوى التصفيق ومن الحقوق عدا المطالب
ان خلط الجبهة (الحزب) بالجمهورية (الدولة) ان كانت له دواعيه في زمن مضى فإنه في وقتنا الحاضر لايتعدى توسيع مجال مناورة الزمرة الحاكمة بزيادة عدد المناصب التي يمكنها استخدامها في المحاباة ولاسكات ورد الجميل وغيرها . فالملاحظ لايحتاج كثير نباهة ليدرك حجم التناقضات التي تطبع بهذا "الدمج" بين الجبهة (الحزب) والجمهورية (الدولة) ناهيك عن عبثيته وثقل وزره على كامل "تنظيم" ثوري .يفترض ان غايته الأهم بكل مكوناته البشرية والتجهيزية هي التحرير والاستقلال
قالجبهة (الحزب) يرأسها امين عام ولديها أمانة وطنية لايحمل سجل انجازاتها وبعد اكثر من عقدين على ان إنشائها سوى تلك البيانات التي تعقىب اجتماعاتها العادية وغير العادية ، اجتماعات يتندر العدو قبل الصديق بملاسنات "البكّري" التي قد تتخللها ملاسنات لاتتعدى اطارها المرسوم في محاولة اقناع العامة (المواطنين) ان الامانة انعكاس للشارع وان ما يؤرق الشارع (المواطنين) يؤرقها.
ولدى الأمانة مكتبا يعود "فضل" اشهاره الى الاذاعة الوطنية التي تضيف احيانا عضوية هذا المكتب الى الالقاب التي يحملها هذا العضؤ أو ذاك
وتعتبر أمانة الفروع الهيكل الاساس للجبهة (الحزب) إذ يفترض انها قمة التنظيم ومركزية التوجيه والمتابعة لبرامج وهيكلة الجبهة ، غير أن مسؤول هذه المركزية لايمتلك من السلطة ولامن الصلاحيات الا إمكانية "تجاوز" الوزير الاول ومراسلة "الكتابة العامة" للحصول على مطالبه التموينية !!!.
كما انه يفترض ان لهذه المركزية "سلطة" ما على المنظمات "الجماهيرية" للجبهة كالعمال والنساء وغيرها ، غير ان غموض هيكلة الجبهة (الحزب) بل وتناقضها ، يجعل ذلك أمرا مستحيلا لاسيما وان المركزية يرأسها عضؤ الامانة الوطنية "كلفه" الامين العام للجبهة في حين يرأس المنظمات الجماهيرية الرئيسية الثلاث اعضاء في الامانة الوطنية للجبهة انتخبتهم منظماتهم في مؤتمراتها العامة
والجمهورية (الدولة) تقودها حكومة يعينها ذلك الرئيس الذي انتخبته الجبهة (الحزب) امينا عاما لها ، ولاضابط لسلطة رئيسها (الوزير الاول) على وزراءه الا بعد هؤلاء وقربهم من الرئيس_الامين العام ، وليس بقربهم من هذا وببعدهم عنه الا قوتهم التصنيفية وقدرتهم على التحايل وتجميل الواقع الكئيب ووصفه بانه احسن الفترات التي يمر بها التنظيم
وليس لسلطتها التشريعية (البرلمان) من سلطات على تلك الحكومة بل ولأنه "لايعرف أي منهم يمكن ان يفر الى العدو" فإنه (البرلمان) غير مؤهل لمناقشة ميزانية التنظيم (الحزب والدولة) ولامصادر تمويله، بل إنه وامعانا في تقزيمه ، مجبر على "اختيار" رئيسه من بين ثلاث أعضاء من الامانة الوطنية للجبهة (الحزب) يتكرم  الرئيس- الامين العام بتعيينهم ، كل ذلك وهو السلطة الوحيدة التي افرزتها اصوات المواطنين مناضلين وغير مناضلين في انتخابات حرة ومباشرة
وبينما تقتضي الاعراف العالمية ان تكون الدولة اشمل من الحزب بل شاملة له وبالتالي وجود علاقة كلي وجزئي بكل ماتقتضيه من تحديد وقوننة للصلاحيات والادوار ، نجد ان تعدي الثانية على الاولى وحلول الاولى محل الثانية مرهون بمزاج الرئيس – الامين العام ، ولا ينتهي الامر عند علاقة الجبهة (الحزب) بالجمهورية (الدولة) بل يتعداه الى علاقة مؤسسات كلاهما فيما بينها ، فما فائدة برلمان جمهورية تم تدجينه حتى انه لايملك صلاحية انتخاب رئيسه من بين اعضائه ، ومالغاية من مركزية فروع جبهة لايؤيد إنشاءها حتى امينها العام نفسه ؟؟؟
لقد بقيت الجمهورية (الدولة) منذ نشاتها على يد الجبهة (الحزب) الى يومنا هذا ذلك الاطار الموجود_المخفي حسب احتياجات الجبهة وسياستها، ولقد اثبتت الوقائع ان الزمرة الحاكمة لاتريدها ان تخرج ابدا عن ذلك الدور المرسوم حتى وان كانت اهم مقررات مؤتمر الجبهة الأخير هي تكريس سيادة الجمهورية
لقد انحرفت الجبهة (الحزب) وبشكل رهيب ليس في اسلوب تنظيمها وتعبئتها وتعاملها مع قواعدها فحسب بل في رسم أولوياتها ، وهو انحراف جعل الكثيرين من الابناء الشرفاء لهذا الوطن والذين يرفضون رفضا قاطعا ان يكونوا جزء من ذلك المشروع المنحرف ، جعلهم يبحثون عن إطار يمكنهم من القيام بواجبهم المقدس نحو وطنهم وشعبهم ، فكأني بهم حيارى حيرة قوم ابراهيم عليه السلام كل ماطلع عليهم كوكبا قالوا هذا ربنا حتى اذا أفل قالوا لانحب الآفلين
ان فتح باب المواطنة بما تعنيه من منح فرص العمل في اطار تحكمه قوانين الجمهورية من حرية وشفافية وإختيار حر ومباشر للسلطات والممثلين هو الشرط الوحيد والعمادة الثابتة لجمع وصهر كل الطاقات الصحراوية في بوتقة واحدة من أجل التحرير والاستقلال بعدما اصبحت الجبهة (الحزب) ابعد ماتكون عن ذلك
وساستبق هؤلاء الذين عن حسن نية أو عن سؤها سيقولون ان كلامي هذا هو تشكيك في شرعية الكفاح الذي يخوضه شعبنا ، وأن السبيل الوحيد كي تكون مواطنا صالحا ساعيا بحق الى تحرير واستعادة الحقوق يمر عبر بوابة البوليزاريو وأن أي انتقاد لها هو انتقاد للشعب ، وطعن في شرعية الوجود ، ساستبقهم واكتفي "بتذكيرهم" ان اثنين من اعضاء الامانة الوطنية التي هي "خيرة" خيرة مناضلي الجبهة قد فرا الى العدو وكلاهما يحمل بطاقة عضوية غير منتهية الصلاحية في تلك الهيئة ناهيك عن غيرهم من "الأطر" و "الكوادر" و المؤسسين والاعضاء السابقون في اللجنة التنفيذية والمكتب السياسي
فالجبهة التي كانت الممثل الشرعي للشعب هي تلك الجبهة التي بادل امينها العام ملابسه "اللائقة" مع الأسير المفرج عنه لما رأى أن ملابس الاخير أقل لياقة
والجبهة التي كانت الممثل الشرعي للشعب هي تلك الجبهة التي سقط امينها العام والكثيرين من اعضاء مكتبها السياسي وقادة نواحيها في ميادين الشرف وهم يقارعون الاعداء جنبا الى جنب مع رفاقهم الثوار ولاهدف لديهم سوى التحرير والاستقلال ، والجبهة التي كانت الممثل .الشرعي للشعب هي تلك الجبهة التي كان مقاتلها هو رمزها وسيدها الذي لاتجرؤ اعين الجبناء والمتقاعسين النظر اليه مباشرة
وأما الجبهة التي يقضي معظم اعضاء امانتها الوطنية عطلة نهاية الاسبوع مع اسرهم في بلاد الباسك ، ولايشتكي اغلبهم وان اشتكى إلا من علل ورثوها عن الافراط في أكل "افشاي" فلا تمثل الا نفسها ومثلها من طفيليات المجتمع المتملقة والمتمصلحة.
ان مايتوجب في قضية الفصل هو فصل "المناضل" عن المواطن وإعطاء الاخير كل حقوقه ابتداء من اختياره الحر في ان يكون "مناضلا" من عدمه وضمان أن لايكون ذلك معيارا للتمتع بالحقوق ورفع وصاية الجبهة (الحزب) على الجمهورية (الدولة) ، وإعطاء الشعب حقه غير القابل للتصرف في الاختيار الحر والمباشر لسلطاته وممثليه وجعل البرلمان مركز القرار ومحوره لانه وبكل بساطة برلمان كل المواطنين بما فيهم "المناضلين" بينما لايتعدى مؤتمر "الشعب" العام كونه مؤتمر نخبة المناضلين وليس كل المواطنين "مناضلين" بل أنه كل هؤلاء "نخبة"

 

 

Share Link: Share Link: Bookmark Google Yahoo MyWeb Digg Facebook Myspace Reddit