الصناع التقليديون الصحراويون، يفضحون القيادة. طباعة
الأخبار - أخبار وأحداث.
الثلاثاء, 08 أبريل 2014 13:17


هذه رسالة تود شريحة الصناع التقليديين ايصالها الى السلطة الصحراوية قصد توضيح ما اعتبرته بعض التجاوزات في مجال الحقوق وبعض الواجبات وفيما يلي نص الرسالة التي توصلنا بنسخة منها:
الصبر شئ جميل ورائع ، لكن في المقابل له حد ود ينبغي احترامها واعتبارها تقديرا لمشاعر الناس وأحاسيسهم ، وهذه الحدود مثلما هو معروف تنتهي في معظمها عند تعمد الإيذاء مثلا ، والتمادي فيه الى درجة الإقصاء والتهميش وربما النفي في المستقبل ، مثل هذه الأشياء وغيرها من شأنه أن يوصل السيل الى الزبى عند كل مظلوم ، وقد يحركه مكرها بسبب سياسة متلونة كالحرباء كالتي يعتمدها نظامنا اليوم في تسير شؤون دولتنا وحركتنا على مقاييس تفتقد في معظمها الى العدل والمساواة بين المواطنين فيما يخص الحقوق وبعض الواجبات .
بهذا التجاوز السافر للحدود المعقولة في وضعنا الحالي ، وجدت شريحة الصناع التقليديين الصبورة ، نفسها كغيرها من الأقليات ، مهملة ومتجاهلة في كل ما يجري على الساحة الوطنية من اعتبارات إنسانية وسياسية ، تروم تضميد بعض الجراح الطارئة تارة ، والتهدئة والإرضاء في بعض الحالات ، والتستر على أخطاء النظام الكامنة أساسا في انحراف القاطرة عن مسارها الصحيح وعن طريقها الآمن . الضحايا كثر في هذا المنعرج الحاد والخطر الذي تسلكه اليوم سياستنا بعد عمى أصبح يهدد مختلف لبنات الدولة وأعظم مبادئ الحركة والأكثر من ذلك قد يوقع بنا ويشتت شملنا ويذهب ريحنا .
شريحة الصناع التقليديين كانت من بين الضحايا ، ولحقت بها جراح مؤلمة في مجال الحقوق الآدمية البحتة ، والتي في مقدمتها الاعتزاز بالأموات وإحياء ذكراهم والتذكير بمآثرهم ومناقبهم ، وهذا ما لا نلمسه في الواقع عندما يتعلق الأمر بشهداء هذه الشريحة الذين سقطوا في ساحة الوغى فداء للشعب ودفاعا عن الوطن ، شهداء من المؤسف أنهم لا يذكرون كالآخرين من مختلف الشرائح ، بل ولم تنقش أسماؤهم على مؤسسة ، ولم يحملها أي استحقاق معين مثلما لم تحملها أية دفعة من الدفعات العسكرية المتخرجة وغيرها في ميادين أخرى .
الجراح مثخنة في جسد هذه الشريحة من الماضي وحتى الحاضر ولم تندمل بعد ، حتى مع صبرها الطويل الذي لم يفهم ويستوعب بشكل جيد على أنه معونة منها لرأب الصدع وتعزيز لحمة الوحدة الوطنية ، وعلى العكس من ذلك ربما فسر على أنه لقلة وعيها وإدراكها بل ولغبائها في أحسن الأحوال ، وبالتالي استمر التغاضي عنها الذي أدي في النهاية الى إقصائها وتهميشها ، وكونها شريحة لا تعرف التظاهر ولا التردد على بوابة الكتابة العامة لاستجداء الامتيازات ، والبحث عن حلول لمشاكلها ، كانت النتيجة أن مرضاها لا يعرفون معنى للإجلاء الطبي ، وطلبتها لا يحظون بمنح للدراسة في ما وراء البحارـ وهذه ظاهرة أصبحت حكرا على أبناء القيادة في زمننا الحاضر ـ ، كما أن نساء هذه الشريحة لا تمثيل لهم ولا ظهور في اتحاد يفترض أن يكون للمرأة الصحراوية دون تمييز، والكبار منها لا حظ لهم في الجولات والبعثات والوفود التي تسافر الى أقصى الدنيا من حين لآخر لتمثيل القضية الوطنية تحت مختلف المسميات ، ومثقفوها لا محل لهم بين أهل الاستشارة والرأي ، وكذلك أهل التجربة المريرة منهم الذين باتوا من يومها في خبر "ما كان" حتى الساعة .
وفيما يخص الواجبات والتي أولها الولاء المتمثل في الوطنية الخالصة والثبات على المسار الحقيقي والوفاء للشهداء ، فهذه أمور لا أحد يمكن أن يزايد على هذه الشريحة فيها ، سواء من ناحية عهدها وثباتها ، أو من ناحية فعلها ومختلف سلوكياتها ، بل أن هذه الأشياء هي من صلب إيمان هذه الشريحة الطاهرة وقناعتها بقضية شعبها العادلة ، ولا تريد مقابل ذلك جزاءا ولا شكورا ، لكن المريب في الواقع والغير معقول هو أن تظل مجهولة في مجتمع قدمت له الكثير والكثير ، وبالتالي يستمر استثناؤها من الاضطلاع بمختلف المهام والوظائف العليا في الدولة ، فليس منها اليوم مستشار في الرئاسة ، ولا وزير في الحكومة ، ولا والي في ولاية ، ولا سفير ولا ممثل في الخارج ، ولا قائد كتيبة عسكرية أو فيلق ولا.. ولا غير ذلك في مجال التعيينات حتى في أدناها يكاد وجود هذه الشريحة لا يعد ، وعن حقها في الترقية والتدرج فحدث ولا حرج .
أما على مستوى الانتخاب ، فهنا بالذات تتضح آثار ديمقراطية القبلية والعنصرية على هذه الشريحة ، حيث لا يتم التصويب لأي عنصر يترشح منها مهما كانت كفاءاته وقدراته وقدمه وإخلاصه ، ولهذا فلا يوجد من هذه الشريحة أيضا عضو في الأمانة الوطنية ، ولا عضو في البرلمان ، ولا أمناء على رأس مختلف المنظمات الجماهيرية ولا مسؤول لدائرة ، وكل المناصب والمسؤوليات والمهام في الدولة ظلت حكرا على بعض المكونات ذات التأثير في هذا المجتمع ، إما تعدادا ، أو مشاكسة ، أو طموحا جارفا أو غير ذلك من وسائل فرض النفس على النظام .
كل هذا بالقطع كان نتاج مرحلة من أللا حرب واللا سلم ، غابت فيها المبادئ واختفت فيها الأهداف الحقيقية للدولة والحركة ، وزاد من سوءها عدم الامتثال للدستور أساسا وخاصة فيما يتعلق بالحفاظ على المبادئ وإقامة العدل والمساواة وتفعيل القانون كما ينبغي ، وطبيعي جدا أن تصبح الدولة في مثل هذه الظروف مرتعا للقبليين والانتهازيين ، ومختلقي المشاكل ومثيري الجدل والقلاقل ، والسفسطائيين البلهاء في آخر المطاف ، هذا الطابور الطويل العريض ، الذي لا تخلو ثناياه من خونة ومرتدين باعوا قضيتهم وكرامتهم في سوق التراجع والانحطاط ، وأصابتهم الردة وتغيير الولاء نحو ميول الذات وإغراءات الأعداء .
الجراح كثيرة وما ذكر منها يكفي للدلالة فقط على واقع هذه الشريحة وغيرها من الصابرين في مجتمع متلاطم في الأهواء والرغبات ، وحسبها أن تظل دائما على الهامش تدفع ثمن صبرها في إطار القبيلة التي لا تهتم لها ، وفي إطار الدولة الأم التي يفترض بها أن تكفل لكل ذي حق حقه بعيدا عن المحاصصة ومختلف الحسابات والمزادات الضيقة التي لا مجال للأقليات فيها .
أخيرا ـ وهذه مسألة تتعلق بالمثقفين وخاصة في ظل وضع كالذي نعيشه الآن ـ حيث كان حري ببعض الكتاب أن يسلط الضوء على الواقع والغوص في تجلياته التي تهدم ولا تبني ، لا أن ينكأ جراح الماضي المظلم وكأنه يضيف شيئا بالغ الأهمية للثقافة الصحراوية الحالية ، وذاك ما ورد ذات مرة في مقال لأبا الحيسن بعنوان على ما أذكر " أنثروبولوجيا الطعام " الذي فصل فيه أجزاء الذبيحة على أساس طبقي ، ربما يسعى الى إحيائه من جديد في حاضر مشوش بثقافة الإقصاء وإثارة الشقاق والفرقة والمساس بوحدة الشعب وتلاحمه ، وذاك ما لم تتنبه له بعض المواقع الرسمية التي نشرت المقال ، ولعل السلطة غفلته أيضا بدورها ليمر مرور أخطائها المتعمدة في مجال حقوق الإنسان ، والتي لم تسعي يوما لإبعاد شبهاتها عن بيتنا الزجاجي ، قبل أن تشرع في أية رماية لبيوت الآخرين بالحجارة
نتمنى كشريحة وكأي أقلية وفية ومظلومة في هذا الوضع المزري الذي نمر به ، أن لا تفعل فينا السياسة الفاشلة فعلتها مهما كان الطائل ، لأن ذلك دون شك سيذهب قيمنا الإنسانية والأخلاقية كمجتمع ، ومبادئ ثورتنا ودولتنا التين هما الضمانة الحقيقية لكينونتنا وسر وجودنا في هذا العالم ، خاصة وأننا شعب واحد ونمتلك مقومات تاريخية تجمعنا كاللهجة واللغة والدين والأكثر من ذلك نتقاسم جميعا دون استثناء الغيرة على كيان فتي ، والذود عن وطن جريح ، فلله ضركم بأي حق يكون التمييز والتهميش والإقصاء بيننا ؟ وأي عدل تفوح منه التأثيرات القبلية والرؤية الانتقائية يمكن أن يرضينا ؟ وأية مساواة ينتهجها نظامنا وقد فضلت الغابن على المغبون ؟ إنه الضلال بعينه وقد استباح كل حدود الصبر من أدناها الى أقصاها ، ولم يبقي لنا كشريحة وأقليات حتى مجرد مثقال ذرة للتعقل والتروي فيما هو سائد في سياسة لا تفي الميزان حقه

Share Link: Share Link: Bookmark Google Yahoo MyWeb Digg Facebook Myspace Reddit