الأخبار -
الرأي والرأي الآخر.
|
قبل أيام أعلنت قيادة البوليساريو عن استحداث هيئة لترقية وحماية حقوق الإنسان وهو إعلان يعكس صحوة جد متأخرة تترجم مدى التخبط الذي أصبح يطبع كل قرارات ومبادرات هذه القيادة ، الشيء الذي لا يمكن تفسيره إلا بمدى الرعب من حبال المشانق التي أصبحت تقترب يوما بعد يوم من رقاب أغلب أفرادها جراء ما اقترفوه من انتهاكات لحقوق الإنسان طيلة تاريخهم الدموي وهي بهذا الإعلان ينطبق عليها المثل الحساني القائل : " الشاة التي تنبش عن أداة ذبحها " .
قبل سنوات كتبت متسائلا عما ستخسره قيادة البوليساريو إن هي أقصت من صفوفها الجلادين الذين يتبوءون مناصب رفيعة في هياكلها من أجل تلميع الورقة الوحيدة المتبقية لديها في صراعها ضد المغرب ، وأعني هنا ورقة حقوق الإنسان ، وقد تأكدت مشروعية ذلك التساؤل حين أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرها الذي طالبت فيه البوليساريو بتجريد المجرمين من مسؤولياتهم وتقديمهم للعدالة ، غير أن غطرسة " أمراء الرابوني " واعتمادهم على حماية عسكر الجزائر منعتهم من اتخاذ أي خطوة في هذا الاتجاه ، بل أن هذه القيادة بلغت من الوقاحة حد الاستخفاف بكل تلك الدعوات و حتى بمشاعر من هم تحت سيطرتها من اللاجئين الصحراويين ، فعمدت في مؤتمرها الأخير إلى تعيين جلاد لا يختلف اثنان على جرائمه ، رئيسا للجنة القانونية في المؤتمر لترسل بذلك رسالة تحدي واضحة تلخص مقولة " أشكونْ أنتمَ " المشهورة للقائد الأبدي .
يقال في الموروث الحساني بأن أذن الإنسان ما كبرت إلا لأنها تسمع كل خبرا لم تسمعه من قبل ، ولئن صدق هذا المثل فإن على كل منا أن يتحسس كل يوم أذنيه حتى لا تعيقان حركته ، إذ قد تتدليان خلفه حين يسمع أن البوليساريو أصبحت تهتم بحماية وترقية حقوق الإنسان ، وهي التي تقزز أحد قادتها البارزين ذات يوم من دراسة الحقوق في الجامعات، معتبرا إياها آفة على " الثورة " التي قايضها القائد نفسه فيما بعد ب " الثروة " .
إن هذه المبادرة الجديدة بحماية وترقية حقوق الإنسان لا تعدو كونها تدخل في إطار الاستهلاك الإعلامي في محاولة للفت الأنظار عن المتابعات القضائية لمجموعة كبيرة من قادة البوليساريو والذين تتردد أنباء عن فرار بعضهم من أوروبا إلى المخيمات خوفا من الاعتقال ، كما أنها ( أي المبادرة ) تعكس مدى استخفاف قيادة الرابوني بعقول البشر ، إذ كيف يمكن أن يصدق من عايشوا التاريخ الإجرامي لهذه القيادة أن تتحول بين عشية وضحاها إلى مدافع عن حقوق الإنسان بعد أن تلطخت أيادي أعضائها بدم هذا الإنسان البريء ، وكانت ولازالت تتاجر بدمه وعرقه ، فعن أي حقوق يتحدث هؤلاء ؟. وأية آلية لصيانتها غير التي دأبوا عليها منذ أن ابتليت شعوب المنطقة بنشأتهم وفرضوا أنفسهم كقيادة وسخة ومجرمة لأكثر الناس مسالمة ونقاء . غير أن هذه القيادة ستكون غبية وساذجة إن توهمت يوما أنها مهما قدمت من مبادرات ستمحو الفظائع التي ارتكبتها ضد الإنسانية ، أو أنها ستجعل الضحية يتنازل عن حقه لأن جلاده لبس عباءة الناسك وأعطى لنفسه صك غفران من الذنوب التي ما جمع في حياته سواها.
محمد فال ولد القاضي
|
التعليقات
لا تعليقات ... كن أول من يعلق
.... التعليقات لا تعبر بالضرورة عن رأي الصحيفة