انهم يبيعوننا الوهم …!!! بقلم الدكتور مولود حريطن.
بعد لغط و ضجيج و انتظار على الأعصاب لكلا الطرفين جاء أخيرا القرار المنتظر الذي أقل ما يقال عنه أنه مهزلة و مخيب لكل الامال و دون كل التوقعات و التخمينات، فعلى الرغم من أننا لم نكن نتوقع الشيئ الكثير من مجلس الغبن الدولي الذي تصاغ قراراته و تتخذ وفق أهواء و مصالح الخمسة الكبار ، و ذلك لكوننا كنا متأكدين تماما من أن فرنسا لن تسمح بمرور أي قرار مهما كان من شأنه أن يشكل إدانة أو ضغطا على المغرب ، و لكن كنا ننتظر على الأقل أن يطالب المجلس بالعودة الفورية للمكون السياسي لبعثة المينورسو دون شروط أو تأخير لمباشرة عملها و أن تتم على الأقل إدانة تصرف المغرب الذي يعتبر تحديا سافرا للمجتمع الدولي ، لكن ما حدث هو العكس تماما فقد تم الخضوع لابتزاز المغرب و الرضوخ لرغباته من خلال التمديد للبعثة لمدة عام من عودة مكونها المدني ، و هو ما يريده المغرب لكي تتحول هذه الأخيرة فقط الي مجرد حارس لوقف إطلاق و تفريغ مهمتها الأساسية المتمثلة في تنظيم الاستفتاء من مضمونها ،و اكتفى القرار بمجرد الإشارة إلى الحاجة الملحة لعودة البعثة لمتابعة مهامها و هي عبارة مطاطة و مضللة و غامضة ، فالقرار لم يحدد سقف زمني لعودة البعثة و كل ما هناك انه طلب من الأمين العام تقديم إحاطة بعد ثلاثة أشهر للمجلس حول حول عودة البعثة من عدمها .
أما باقي محتوى القرار فهو تكرار لما جاء في القرارات السابقة ، و الملفت للانتباه انه في القرار لم يرد ذكر كلمة استفتاء و إنما تمت الإشارة فقط الي ترتيبات تتماشى مع مباديء ميثاق الأمم المتحدة و مقاصده و هو تعبير غامض و مضلل و قابل لكل التأويلات .
في واقع الأمر و الحال هذه انهم مستمرون في الضحك علينا و استغبائنا من خلال محاولة استرضائنا بذكر كلمة تقرير المصير، و بكل تأكيد أن قيادتنا ، التي ظلت تهدد و تتوعد خلال الفترة الماضية أنها لن تقبل بتمديد ولاية البعثة دون عودة مكونها المدني انه اذا ما تم ذلك ستتخذ قرارا بالعودة إلى الحرب ، ستتعلق – أي القيادة – بكلمة تقرير المصير و تعتبر أن القرار نصرا مازرا و أنه علينا انتظار نهاية مهلة الثلاثة شهور للوقوف على مدى جدية مجلس في فرض قراراته على الطرف الآخر ، و كما في كل مرة سيتم إيجاد مبررات و مسوغات جديدة لتبرير الفشل القادم و خداعنا من جديد حتى نتعايش مع الأمر الواقع كما تعايشنا سياسة التمديد بلا حدود من قبل ، أي وجود المكون العسكري فقط و حينها تبدأ فرنسا و المغرب بتطبيق الجزء الثاني من المخطط و هو إقناع الجميع باستحالة تنظيم الاستفتاء و فرض الحكم الذاتي كحل واقعي و مخرج وحيد ممكن للنزاع بحجة غياب أية حلول أخرى ممكنة التطبيق على ا رض الواقع .
في الحقيقة المسرحية واضحة منذ البداية ، وقد بدأت فصولها مع بداية محاولة عرقلة زيارة الأمين للأمم المتحدة للمنطقة ، و لما فشلت تلك المحاولة تم الانتقال إلى المرحلة التالية و هي خلق مشكل مع الأمم المتحدة لإيجاد مبررات مقنعة لطرد البعثة و دق المسار الأخير في نعش مخطط التسوية القائم على تنظيم الاستفتاء و اختزاله في مجرد وقف الإطلاق النار غير محدد ليتمكن المغرب من ربح أكبر قدر من الوقت لفرض الأمر الواقع على المجتمع الدولي من ناحية ، و املأ في حدوث تصدع في جبتهتنا الداخلية في ظل الحديث عن مرض الرئيس و عدم وجود توافق واضح على من سيخلفه من ناحية أخرى.
الآن و قد انجلت الأمور بما لا يدع مجالا للشك و تبين أن مجلس الأمن عاجز حتى عن المطالبة بالعودة الفورية للبعثة ، أما معاقبة المغرب و توسيع صلاحيات البعثة لتشمل مراقبة حقوق الانسان و وضع رزنامة محددة وواضحة لعملها مع تحديد سقف زمني لتنظيم الاستفتاء فهذه امور يبدو انه لا مجال للحديث عنها ، و أنه هناك مخطط فرنسي – إسباني – مغربي يستهدف نسف مخطط التسوية الأصلي و تحويله إلى مخطط استسلام ممنهج و جعل المينورسو مجرد حارس للاحتلال للاستمرار في ممارساته القمعية ضد شعبنا و تشريع احتلاله لارضنا، و قد نجح الأمر إلى حد كبير حتى الساعة ، فالسؤال المطروح هو ماذا سيكون رد قيادتنا ؟ هل ستنفذ تهديدها بالعودة إلى الحرب و هو مطلب كل الصحراويين في كل مكان أم أنها ستحاول التسويق لقرار مجلس الأمن على أنه انتصار لأنه أكد على تقرير المصير و أنه علينا انتظار ما ستسفر عنه المهلة الممنوحة للمغرب ، و الاستمرار في ترديد نفس العبارات التي مللنا من سماعها من قبيل ان المغرب قد بات معزولا و أنه وضع نفسه في مواجهة المجتمع الدولي وأنه علينا أن لا ننفس عنه و غير ذلك من المبررات و الجج الواهية التي لم تعد تقنع أحدا على الإطلاق والتي هي مجرد تغطية للعجز و تبرير لعدم القدرة على اتخاذ اية قرارات حاسمة من شأنها وضع حد لحالة الانتظار القاتل التي نعيشها منذ أكثر من ربع قرن و من دون أفق و لا أمل في الحل.
|
التعليقات
لا تعليقات ... كن أول من يعلق
.... التعليقات لا تعبر بالضرورة عن رأي الصحيفة