جاءت المسودة الرسمية للتقرير الاممي حول الوضع في الصحراء الغربية، المنتظر في شهر ابريل من كل سنة، لتعطي ضربة قوية للقيادة بالربوني ودعاياتها الفارغة حول المكاسب والانتصارات الوهمية، والتي كان اخرها الزيارات المكوكية للأمم المتحدة وموسكو ولندن وروما من أجل، كما يقولون، حث المنتظم الدولي على العمل بجد لتفادي خيبة جديدة ومتكررة ظهرت معالمها جليا في بنود مسودة التقرير الاولية التي ظهرت للعلن منذ ايام .
فالقيادة تحاول الرهان على الحد الادنى من الجدية الاممية لتهدئة الشارع الصحراوي القانط والمتذمر واليائس من فشل الامم المتحدة وتلاعبها بمصير الشعب الصحراوي منذ سنوات، ولعب القيادة بخلق إنتصارات وهمية لتخدير الشعب الذي يعاني تحت الخيام في ارض لحمادا التي بدات الحرارة فيها تصل اربعين درجة مأوية وشهر رمضان على الأبواب. وذلك عبر ضمان تطمينات صريحة من اعضاء مجلس الامن الدولي للطرف الصحراوي الحائر بين ضغط القاعدة واستهتار المجتمع الدولي برهانه على عبثية المفاوضات.
محاولات القيادة الصحراوية التستر على هزيمتها من خيبة التقرير المنتظر تصطدم بوقائع جديدة ينبغي استحضارها للرأي العام الوطني بعيدا عن لغة الهروب الى الامام وتسويق الاوهام، وبيع الأحلام... فبعد رهان القيادة على دور أمريكي ريادي مع وساطة روس، هاهو الرجل يرمي المنشفة اخيراً بعد قنوطه من إمكانية إيجاد حل متفق عليه ويرضي الطرفين، والذي لم يات بجديد رغم ذلك في تقرير الأمين العام عبر مسودته التي نشرت مؤخرا، والذي من المفروض ان يكون مبنيا على ملاحظات وافكار الممثل الخاص. استقالة مبعوث الامين العام للامم المتحدة للصحراء الغربية بعد سنوات من الإصرار على البقاء وسط الرفض المغربي والتمسك الصحراوي بالرجل ستشكل اولى ملاحظات التقرير الاممي المنتظر وتُضع بشكل رسمي على طاولة مجلس الامن الدولي ليعود الملف برمته الى نقطة البداية، وهي 6 سبتمبر 1991 .
وامام ملف بلا وسيط سيجد مجلس الامن نفسه كما طرفي النزاع في حالة ترقب لخليفة روس المنتظر والذي يراد له ان يكون وسيطاً نزيها في نظر كل الاطراف مجتمعة. والى غاية ان يرشح غوتيريس مبعوثا جديداً للقضية تضفي حالة السوسبانس مزيدا من التوتر على الوضع القابل للانفجار حسب تقارير المينورسو الاخيرة على خلفية الواقع في منطقة “الكركرات”.
وفرت “الكركرات” في الحقيقة وعلى الميدان، ومن خطإ مغربي، فرصة ذهبية للقيادة الصحراوية لكنها لم تستغل حتى اللحظة بشكل فعال، نظرا لضعف القيادة وبؤس نظرتها للأمور او إنعدام أي تحليل إستراتيجي للوضع الجهوي والقاري والدولي. وفي ظل عدم الإستثمار الامثل الذي وفرته الهبة الجماهيرية الصحراوية في “الكركرات” يخشى كثيرون ان يذوب الانتصار المحقق . لتتحول “الكركرات” الى خيبة اعظم من خيبة التقرير نفسه .وأعظم من خيبة الأمل في هذه القيادة التي لم تتعلم كثيرا من 40 سنة من تواجدها في السلطة، و26 سنة من وضعية اللاحرب واللاسلم، والإنتظار الممل والقاتل.
الرهان على معجزة من أنطونيو غوتيريس، الذي يعد من اضعف الأمناء العامون، بعد اربعة اشهر من تنصيبه امينا عاما للامم المتحدة تبدو مستحيلة، لان ماعجز عنه الامناء المتعاقبون للامم المتحدة منذ أكثر من عقدين ونصف، يستحيل على الامين العام الاممي الجديد، والذي يكون ضعفه من ضعف دولته البرتغال، تحقيقة في أشهر معدودة، خاصة بعد استقالة ثاني مبعوث اممي من جنسية امريكية بعد وزير الخارجية الاسبق جيمس بيكر، مايعني ان ماعجز عنه مبعوثوا امريكا يستحيل على اي جنسية اخرى تحقيقه...
لهذا وإن كانت هذه القيادة بالربوني ، فيها مثقال ذرة من الوطنية والشعور بالمسؤولية إتجاه شعب يعاني خلال اربعين سنة في جحيم لحمادا، وعائلات مشردة طيلة اربعين سنة، ان تفرض على الحليف الجزائر، السماح لها بقدر من الحرية وقليل من المناورة، لتدخل في مفاوضات مباشرة مع النظام المغربي بالرباط، في محاولة لتحقيق أخف الضررين عبر سياسة خذ وطالب، أما إذا بقيت القيادة على حالها وتنتظر موافقة الجزائر على حل للقضية فستنتظر طويلا، لأن النزاع المغربي الجزائري نزاع إستراتيجي، سيبقى ما دامت الدولتان، ومعنى ذلك انها سنوات اخرى طويلة من المعاناة والإنتظار الممل والقاتل مصيرنا نحن الصحراويين بالمخيمات، اما اهالينا في المناطق المحتلة فعلى الأقل لديهم المقومات الأساسية للعيش والحياة، وسياتي ممثل جديد ويذهب وياتي امين عام جديد ويذهب، ونبقى نحن ندفع ثمن الصراع بين المغرب والجزائر، وضعف هذه القيادة التي ابتلينا بها، ونترحم على الشهيد الولي، فلو كان على قيد الحياة ما وصلنا الى ما وصلنا اليه اليوم، حيث اصبحنا كعملة مقايضة في إطار الصراع ما بين الجزائر والمغرب...
كان الله في عوننا، فالله ولي التوفيق.
|
التعليقات
لا تعليقات ... كن أول من يعلق
.... التعليقات لا تعبر بالضرورة عن رأي الصحيفة