لن نكتب اي تقديم عن الاستاذ والاديب احمد الشيعة لاننا على يقين انه غني عن التعريف لدى الجمهور الصحراوي
الضمير: بداية مرحبا بكم ضيف على صفحات موقع الضمير، أول سؤال هو ما هو تقيمكم للواقع الراهن الذي تعيشه القضية الوطنية على ضوء التقرير الأخير لمجلس الأمن و الأمين العام ؟ خاصة بع إنجلاء سحابة “الحسم” ؟ .
الأستاذ احمد : واقع القضية و كما تعرف هو واقع ليس فيه ما يجلب لنا الحسد و للأسف. واقع يسيرنا و لا نتحكم فيه، فأينما دفعتنا التيارات نسير و بعبارة أخرى و للرد على شطري سؤالك و علاقة بمجلس الأمن و تقاريره . تصور قافلة من العطشى تعبر أرضا قاحلة، فى كل مرة ترقب طلوع سحابة تبدو ممطرة ، و في اللحظة الأخيرة تهب رياح تبدد مصدر الغيث المنتظر فتعود القافلة لتنتظر طلوع سحابة أخرى … هذا هو حالنا مع الأمم المتحدة و التي لا يهمها أن نقضي تحت خيمة الانتظار. و الكلام عن الحسم و ما إلى ذلك فانه و للأسف لا يعدو أكثر من عملية بيع جلد الدب قبل صيده، و هو أمر ألفه الصحراويون من لدن قادتهم و هذا ما ترتبت عنه أزمة ثقة خانقة بين القاعدة و القمة.
الضمير: كيف تقرؤون التقرير الأخير للأمين العام وتوصية مجلس الأمن و ما هو تقييمكم له بصفة عامة ؟
الأستاذ احمد: في الحقيقة هذا لا يتطلب أي قراءة معزولة أو متفردة ، فلو أخذت أيا من تقارير أي من الأمناء العامين للأمم المتحدة و أي من توصيات مجلس الأمن بهذا الخصوص بغض النظر عن تاريخ إصدارها تجد أن أي شيء لم يتغير و أن سحابة الأمم المتحدة لن تدر غيثا.
الضمير: طيب ما هي بنظركم الأسباب الكامنة وراء هذه النتائج المخيبة للآمال؟ و إلى أي مدى يمكن التعويل على مسار الأمم المتحدة و آلية التفاوض لحل القضية الصحراوية؟.
الأستاذ احمد : الشهيد الولي و بعد أن التقى أول مبعوث للأمم المتحدة – اولوف ريدبيك- شرع في الأعداد للخروج بالحرب من الدفاع إلى الهجوم و أوصانا كما هو معروف ان الأمم المتحدة و أن كانت قوة حق فهي قوة حق معنوية، قد تساعدك في انتزاع حقك لكنها لن تنتزعه لك. و بالتالي فالأمم المتحدة فشلت يوم أكمل ريدبيك جولته الأولى و الأخيرة. لكن و بعد 1991 رأينا ان تحليل قيادتنا كان جد خاطئ و مفرطا في التفاؤل وصوروا لنا الأمم المتحدة صورة مختلفة عن ما قاله الشهيد الولي، و أنها أصبحت قوة لفرض الشرعية و التدخل لأجل هذا الغرض و فرض انصياع المعتدي للقرارات الدولية، و ما إلى ذلك مستدلين وقتها بما حدث في الكويت إبان غزو العراق لها، و نسوا أن النظام المغربي مختلف عن نظام صدام و ان مرتبة الكويت تختلف عن مرتبة الصحراء الغربية في الميزان الأمريكي، و حين أقول الأمريكي فلأنه هو ميزان مجلس الأمن و الأمم المتحدة.
لن أقول لك ألان أنني من الذين يعتبرون وقف إطلاق النار خطا، لا ، فوقف إطلاق النار و مخطط السلام في نسخته الأصلية كان مكسبا و ثمرة لكفاح مستميت و مفاوضات جيدة و كفؤة. لكن الأخطاء كلها تلاحقت مند اليوم الموالي لوقف إطلاق النار و تمثلت في إدارة هذا المكسب و الحفاظ عليه، و بدل ذلك تم تمزيقه و هدره مجانا من خلال توالي التنازلات و التنازلات، حتى أضحت دبلوماسيتنا مبنية على قاعدة الخد الأخر و هو ما أوصل المخطط المتفق عليه مبدئيا إلى الاختفاء تحت تشطيبات التصحيحات و التعديلات التنازلية ، ناهيك عن الخلافات و الخصومات على البلح عند جذع النخلة، و إن كانت كل هده التنازلات المقسطة كانت مقابل بدائل فان هده البدائل لم تكن في صالح القضية، و الثمن الغالي دفعه الصحراويون انتظارا و انتظارا، و قد لا تختلف معي ان قلت لك أننا اليوم ابعد من العودة منا غداة توقيع وقف إطلاق النار. و كل يوم نبتعد أكثر رغم الخطاب الحماسي و التصفيقات و التحليل المقلوب ، فالخطاب هو الذي رمانا في موجة تفاؤل مفرطة يوم المصادقة على مخطط السلام إلى درجة إيهامنا بالاستغناء عن الظل في عز الانتظار، و الجميع يتذكر تهديم غطاء المساكن لصناعة صندوق متاع لرحلة عودة لم تنظم بعد، و هذا جانب من التحليل المغلوط و المتسرع و البراعة في إهدار المكسب.
الضمير: ألا تعتقد بأن العودة للكفاح المسلح كخيار مطروح باتت مستبعدة جدا خاصة في ظل المعطيات و المستجدات الإقليمية و الدولية الراهنة ؟ .
الأستاذ احمد : الكفاح المسلح وسيلة تبناها الصحراويين لانتزاع حقوقهم ، و الذين فجروا الكفاح المسلح لم ينظروا إلى أي معطى أو مستجد إقليمي بل نظروا إلى واقع الشعب الصحراوي و ظروفه الداخلية و هل هي متأتية لمساندة حرب تحريرية أم لا. و لذا يبقى وسيلة مشروعة، و أي مستجد أو معطى دولي او جهوي يشكل الوضع الصحراوي جزءا منه و عاملا فيه، و كل نظرة للظروف الجهوية و الدولية تقصي هدا المعطى فهي ناقصة. لكن و للأسف من كثير التهديدات التي يتناوب قادتنا على اصدارها بهذا الخصوص لم يعد هناك من يصدق أننا سنعود إلى السلاح. تصور أن السنوات التي قضيناها نهدد بالرجوع إلى الحرب أكثر هي من التي قضيناها نحارب .
الضمير: بصيفتكم احد العارفين بالواقع الداخلي للجبهة كيف تشخصون الخلل المتسبب في هذا الواقع المترهل وما هي الحلول الممكنة؟
الأستاذ احمد : واقعنا الداخلي يمكن تلخيصه سياسيا بأنه كارثي، و هو اليوم أسوا منه بداية الغزو و النزوح. فقد أصيبت الجبهة الداخلية بهزة أو صدمة سنة 88 ، و مهما اختلفت الرؤى حول تلك الأحداث فإنها تبقى هزة أثرت لاحقا على هذا الواقع، و قد يعود السبب إلى سوء إدارة الهزة أيضا و بالتالي إفلات زمامها من يد الجميع. فعندما تعجز مجموعة من الإطارات و الطلائع عن إدارة خلافاتها فتقحم القاعدة معها فان ما نعيشه منذ سنوات من سوء تسيير و عشوائية في القرار و نتاقض في الخطاب و تضارب في المنحى هو النتيجة الحتمية لمثل هذا السلوك. و حتى و أن تبين أن جرح تلك الهزة قد اندمل فقد خلف شرخا دائما، و إن كانت هناك جهود لكي لا يتسع فانه ممتلئ من ترسبات و غبار تبرز أحيانا و تختفي أخرى.
سوء إدارة مستجدات ما بعد 88 هو الذي بدا معه انحطاط ملحوظ و تدهور في العلاقة بين أعضاء الجسم التنظيمي , و هذا أتاح الفرصة لنتذكر مرة أخرى ما نبه إليه الشهيد الولي من إن اللغم المدفون تحت أقدامنا لن يزدهر إلا في غياب التنظيم السياسي، و هذا الأخير و للأسف تم تغييبه وراء اللهث في البحث عن الامتيازات و الجاه و السلطة.
يضاف إلى ذلك واقع ما بعد وقف إطلاق النار و الذي و بدل أن تنهمك القيادة في تكييف الأداء التنظيمي و كل أدوات التسيير مع متطلباته، جعلت منه حبل غسيل علقت فوقه كل أسباب الفشل السياسي و التسييري، فقد كشفت هذه المرحلة إلى أي درجة يمكن ان يصل تدهور القدرات و ضعف القيادات و ظهر أن المقاتلين هم من كان له الفضل في تماسك التنظيم و في انسجام المؤسسات، اكتشفنا أن المناشير لا تبني التنظيمات و أن الخطاب الحماسي لا معنى له في غياب دخان المعارك، و لهذا سمعنا كثيرا بعبارة اللا حرب و اللا سلم في الخطاب الرسمي، و أن هذه هي مرد كل المشاكل و الفوضى التي نمر بنا، و هو خطاب تبريري دفاعي كاذب … فاللا حرب و اللا سلم هو في رأيي مصطلح لا وجود له، كمن يقول اللا ضوء و لا ظلام، و إنما هو أسلوب من أساليب دفن الرأس في الرمال بدل البحث عن مواقع الألم في الجسم و الرجوع إلى النقد الذاتي الصريح تبعا لمقتضيات الظرف .
لهذا أرى أننا لسنا أسياد واقعنا الداخلي و لسنا أسياد يومنا، فالواقع هو الذي يمشي بنا كما قلت لك حيث وجهنا التيار، و يمكن خلاصة الحياة اليومية بما فيها البرامج الرسمية في التالي :
الإعداد لتخليد ذكرى، أو تنظيم مهرجان، أو تشكيل لجنة أو تنظيم مسابقة : و أحيانا استقبال زوار، او تعميم مكتوب و هكذا مناسبات لإيصال الخطاب المهترئ التبريري المثير للتصفيقات بين فقرة و فقرة، وبهذه الطريقة و عدم الاكتراث بجوهر القضية يطيلون الانتظار الذي أصبحت مقابره اليوم بحجم مخيمات الأحياء في ارض لم نجد فيها قبرا.
هذه هي وضعيتنا أو أسوا، و السبب ليس إطلاقا ما سموه لا حرب و لا سلم، و ليسوا المناضلين آو القاعدة، التي لم يستح بعض القادة في توجيه الاتهام إليها ، و لكن السبب في الرأس و إن كنت تريد السبب فان أول ما يتعفن من الأسماك رؤوسها، و لست هنا بصدد الإشارة إلى استئصال الرأس مثلما قد يتخيل البعض ، و لكن أن نقوم بعلاجه و دوائه.
الحلول في مثل حالتنا لا تأتي من القرارات العشوائية و الخطوات المرتجلة، فعلاج الوضع يتطلب انسجاما و إرادة لدى الطلائع قبل كل شيء و الجلوس لتشريح هذا الوضع و التجرد من الأنانية و التسلح بالنقد الذاتي و البحث الجاد عن وسائل إصلاح الوضع، و لكن هذا لا يمكن إن يتم في غرف مكيفة بل يجب إن يتم مع القاعدة و بمشاركتها الفعلية، هذه القاعدة التي أقحموها في صراعاتهم السلطوية لماذا لا يشاركونها الانشغال بالبحث عن تقويم لوضعها ووضع قضيتها الوطنية.
الضمير: إلى أي مدى يمكن الرهان على عوامل ومقومات صمود الشعب الصحراوي خاصة في ظل ترهل الساحة الداخلية سواء بالمخيمات و بالمناطق المحتلة؟ و ما هو المطلوب من القيادة ومن الشعب الصحراوي على حد سواء للنهوض بالقضية و التعجيل بالحل المنشود ؟ .
الأستاذ احمد : صمود الشعب الصحراوي اثبت صلابته و طول نفسه، و ما صبره هؤلاء الصحراويون من معاناة و تشريد و قساوة ظروف إلا دليل على هذه الصلابة ، لكن ما لا يمكن التعويل عليه هو صمت الصحراويين في الوقت الذي تبدد مكاسبهم و يتم التلاعب بمصيرهم و دماء ابنائهم.
الضمير: هناك تململ شعبي عام ورفض للأمر الواقع لكنها لا ترقى إلى القدرة على التغيير هل ترى هناك إمكانية للتغيير في ظل الواقع العام للشعب الصحراوي وهل المؤتمر القادم يعتبر فرصة لذلك؟
و ما هي أسباب فشل جل المؤتمرات السابقة في تقديم بدائل جديدة ؟ .
الأستاذ احمد : تغيير الوضعية أضحى مستعجلا، و إذا لم يتم بمبادرة من الأعلى فالأكيد انه سيكون أكثر جذرية إن جاء من الأسفل. أما الكلام عن المؤتمرات فهو كالكلام عن تقارير أمين عام الأمم المتحدة، خذ مقررات أي مؤتمر منذ الثامن حتى اليوم تجد أنها متشابهة مضمونا و محتوى و طريقة ، و لا تفرق بينها إلا في تاريخ الإصدار أو الشعار و اسم المؤتمر، هذه جلسات متشابهة و متكررة على طريقة سقيفة بني ساعدة، تدوم أكثر مما قرر لها، و تنقضي بعد أن تقرر تاريخ الجلسة القادمة التي ستعقد بعد ذلك جد متأخرة، و هكذا . أتتصور أن امة في مثل وضعنا اليتيم تقضي اقل من 15 في المئة من وقت مؤتمرها لنقاش جوهر قضيتها. المؤتمر الذي يعتبر التصفيق فيه موافقة و الذي يعطي حق التصويت للمدعوين و لا ينعقد في اجله القانوني بدون سبب، بينما الوضع يدعو لعقد مؤتمر كل شهر، هذه يمكن أن نسميها مؤتمرات آد هوك ADHOC ليس إلا.
الضمير: بنظركم هل القيادات الحالية للجبهة قادرة على إبداع خطط و إستراتيجيات جديدة لكسر الجمود الذي نعيشه اليوم ؟ .
الأستاذ احمد: إذا أجبتك بنعم فهذه أمنية و أخاف أن يظهر المؤتمر عكس ذلك.
الضمير: كيف تنظرون إلى إرهاصات الحركات أو التيارات المعارضة لفساد قيادة البوليساريو وعجزها عن تحقيق آمال الشعب الصحراوي، سواءا الموجود منها داخل المخيمات أو في الخارج؟ و ما هي أسباب فشلها في إحداث التغيير أو مجرد التأثير على المشهد السياسي الصحراوي ؟ .
الأستاذ احمد : معارضة الفساد و سوء الإدارة و العبث أمر نبيل، و ما لاحظته هو أن الأغلبية مجمعة من حيث تشخيص الداء، و لكن رؤية العلاج تختلف، و حينما أقول المعارضين للفساد فان هذا لا يعني المعارضين الملثمين الذين تحركهم قناة الرحيبة.
الضمير: كيف تقيمون تجربة الإعلام المستقل و طريقة تعاطيه مع مستجدات القضية الوطنية و محاذير الواقع المعاش بكل تشعباته ؟
ألأستاذ احمد: الإعلام الحر هو إعلام حر و انا لست مؤهلا لكي اصدر حكما على اي وسيلة تعبير تحترم المقدسات الوطنية . أرى انه يلزم النظر في تقنينه فقط.
الضمير: ما هي النصيحة التي توجهها للشباب و الأجيال الصاعدة ؟ .
ألأستاذ احمد : في الحقيقة شباب يدرسون و يعرفون عن حياة و مقتل العربي بن مهيدي أكثر مما يعرفون عن الشهيد الولي أو الخليل سيد أمحمد، لا اعرف ما أقول لهم، فالعربي بن مهيدي مجاهد بطل من أبطال الثورة الجزائرية و مثله ديدوش مراد، و لكن أيا من هذين الرجلين لم يدرس حياة صلاح الدين الأيوبي على حساب معرفته للأمير عبد القادر الجزائري...
|
التعليقات
لا تعليقات ... كن أول من يعلق
.... التعليقات لا تعبر بالضرورة عن رأي الصحيفة