الأخبار -
الرأي والرأي الآخر.
|
عن المعتقلين السياسيين معتقلي الحركة الطلابية الصحراوية من وراء أسوار سجن بولمهارز الرهيب : رجعا عالي صيكا ابراهيم بوتزيل رشيد فضيلي الطوير تجبيرت رشيد الشين ابراهيم الشويعر ابراهيم بقاس اسماعيل تــقــديــــــم تستقي هذه السطور شرعيتها من الوضع المتأزم الذي تعيشه الساحة النضالية، و الممارسات التي نبعت منها، و كذا المستجدات التي تعرفها، وما فتحته من أسئلة حول الفكر و الواقع، تجبر على الوقوف عندها و التفكير فيها و أخد مواقف لها أو عليها، فكما أن الموت يمكن أن يحيط بالفكر، فمن الممكن كذلك أن يستمر مهزوما و مخذولا، و لعل هاته حالة الفكر الصحراوي و الذات السياسية الصحراوية، و بتسليطنا الضوء على
هذا الواقع و على أخر ما أنتجته المخيلة الاستعمارية لمسوخ الرباط ، يبغى أن نتعرف بصدق و موضوعية على حقائق واقعنا حتى نتمكن من التعامل الايجابي البناء معه – فكرا و عملا – متحررين من مختلف الدعاوي العاطفية و الديماغوجية و التبريرية و التضليلية لنخرج بعد ذلك منتصرين، أو لنخرج و نحن نحمل دفيننا على أعناقنا لنؤبنه و نولي أنضارنا وجهة أخرى، فلا فائدة في فكر مريض و أرضية ملغمة. فالزخم الثوري يكاد ينتهي مع آخر طلقة رصاص قبل وقف إطلاق النار و الدخول في مرحلة اللا حرب و اللا سلم ، بمناوراتها السياسية في أروقة الأمم المتحدة و المنظمات الدولية، وإصطدام الحماس الثوري بصخرة الواقع الباردة، في زمن النضال المصطنع و الوعي الزائف أو الوعي الهزيل الذي كرسه المحتل، لتسهيل التحكم في حركة الجماهير و ذر الرماد على العيون التي ما فتئت تنبه للانتهاكات الجسيمة و الممنهجة في حق أحفاد عريس الشهداء و مفجر ثورة 20 ماي الخالدة،و غياب الممارسات الديمقراطية و سيادة البيروقراطية و الزعاماتية في وقت تعرف فيه الحركة الجماهيرية اعتقالات مجموعة و دعايات مسمومة للحد من وعيها الحقيقي و اللامتناهي لقضيتها، و تعويضها ببراغيث طيعة تابعة تغدي العجز و تكرسه و تبرره. هذه بعض معالم الطريق الذي يسير عليه الفكر النضالي الصحراوي في زمن التراجعات و التكالبات و السقوط و التساقط في مستنقع العدو، الذي يستعمل كل الوسائل للوقوف دون ممارستنا لحريتنا و تفكيكنا لآليات عجزنا لتغيير قواعد اللعبة، من أجل إحداث تغيير في الفكر و الواقع. فالحركة النضالية الصحراوية تواجه تحديات عديدة و عراقيل جمة في صراعها الدائم مع المحتل الغاشم و زبانيته من المتآمرين و العملاء، تكاملت مظاهرها بفعل سياسة صناعة المناضلين و إدارة إدراك الجماهير و شراء أفواه الرجعيين و المتخاذلين، لتشكل مخططا يهدد بنسف النضال الصحراوي و تراكماته التاريخية، بالحد من اندفاع الجماهير و إيمانهم بعدالة قضيتهم قبل أن يحقق التراجعات عنها، و هذا الوضع ليس بغريب عنا، بل هو هاجس يؤرقنا باعتبارنا الطليعة الثورية التي حملت على عاتقها وجع الوطن الصحراوي المحتل. وهو مخطط و سياسات و ممارسات خسيسة ابتدأت مند بداية الصراع و تفجير ثورة 20 ماي الخالدة التي قادتها طلائع مؤمنة و مضحية، تعيش حلم التغيير و مستجيبة لتحديات الواقع المفروض عليها. في وقت كانت فيه الجماهير الصحراوية مؤمنة بضرورة التغيير، ومتجاوبة مع الشعارات التي تعرض عليها و الأهداف التي حددت لها، إلا أن معالم هده السياسة لم تتضح إلا بعد وقف إطلاق النار سنة 1991 و الدخول في مرحلة اللا حرب و اللا سلم التي لا تزال متواصلة. لتظهر خفافيش الظلام من مصاصي دماء الشعوب... سنتحدث هنا عن تاريخ الممارسات الشوفينية لسيد العملاء و بيادقه ،و سنتحدث أولا عن أخر ما أنتجته الساحة التجميلية و الصناعية للمحتل، اعتقال ما يسمى برموز الانتفاضة، رموز الذل و المهانة و الاستكانة. الرموز التي تقف في وجه عجلة التاريخ بفبركة الواقع و تزويره وصولا إلى فرض التحكم على الجماهير، و إحكام السيطرة عليها، في عملية تضليل كبرى تحاول أن تجمد في النفوس كل نزعة للقيام بمسؤولية تقرير المصير، من خلال غرس روح القطيعة و الرؤية التبعية الانقيادية و بالتالي تحويل الجماهير إلى مجرد أدوات طيعة. 1. الحركة الطلابية و الممارسات المرضية لا يخفى على كل من سلك طريق التاريخ أن المحتل الغاشم وعملائه بين ظهرانينا قاما بعملية وعي متصل بحركة الجماهير ، لاسيما جماهير الحركة الطلابية الصحراوية، فالمحتل يعرف إمكانيات ومقدرات هذه الفئة على البذل والعطاء والتضحية من اجل القضية العادلة والمشروعة كما أن الوعي الطلابي المتنامي والفعال والبناء وفق مبادئ ثورة عشرين ماي الخالدة والحاضرة بقوة في خضم النضال الصحراوي ، يتعرض إلى الإفراغ ونوع من التعليب الذي يسطح التفكير ويحد من بناء مستقبل تقرير المصير بعيدا عن كل قيد. والحركة الطلابية الصحراوية بمبادئها قادرة على استيعاب الحقائق الموضوعية داخل الصراع المحتدم بين الصحراويين ونظام الاحتلال، وكذا الصراع الدائر بين الأنظمة الديكتاتورية المغاربية و شعوبها. والحركة كما هو معلوم استطاعت بجماهيرها أن تصنع البطولات والأمجاد بالرغم من التراجعات والتكالبات ورغم حملات الكراهية والتضليل ،فقد حولت الجماهيرالأفكار إلى حقائق مادية فاعلة في التاريخ وأبانت عن قدرة بالغة على تفسير الواقع وعلى رسم طريق لتغييره وتقرير مصير الوطن الصحراوي المحتل. فالطالب بوعيه المتنامي قادر على قيادة نضالات الجماهير الصحراوية لذا يكون المستهدف الأول في سياسة المحتل لنسف أسس النضال الصحراوي وتحريفه عن مساره الحقيقي ، الأمر الذي يحتم عليه -الطالب- الوعي بحقيقة أعدائه والطريق السليم الذي يجب أن يسلكه بعيدا عن الانزلاقات والعثرات التي ستصادفه في درب النضال الطويل والعسير، والمبادئ والقناعات التي تؤطر الحركة الطلابية هي النبراس الوحيد والفعال الذي يهذي لنور الحقيقة التي يطمسها المحتل وعملاءه بمخيلاتهم الاستبدادية ونزعاتهم التحكمية الفوقية/ التبعية، التي تجعل من الطالب قاصرا تجب الوصاية عليه والتفكير عنه في وقت يقول الواقع الموضوعي بامتلاك الطالب لوعي متحرر: يتفاءل يناقش يشارك يختار ويقرر مصيره. إن الطالب الصحراوي طاقة وكفاءة علمية ورصيد استراتيجي مستقبلي للوطن ، فهو كادر ومحترف ثوري يجب أن يشارك في تقرير المصير ولا يتركه لقلة تزداد تسلطا يوما بعد يوم قلة انزلقت ، و تركت الجماهير بدون حصانة تجاه مخططات الاحتلال، والجماهير الطلابية يجب أن تبقى في قلب الأحداث المتسارعة التي تعرفها القضية الوطنية ، بقاء ووجود لن يكون إلا بالتسلح بوعي حقيقي وعي النقد والنقد الذاتي السجال والجدال السياسي. سجال وجدال سياسي وقدرة على الإقناع وروح الحوار ، أسلحة يكتسبها الفرد بالمراس والجهد بقراءة التاريخ وأمجاده وعدم الوقوف عنده ، وإجتراره ونسيان النظر نحو المستقبل ، فالنقاشات والدردشات والصالونات الفكرية هي المعين لتنمية هاته الطاقة والحلقيات هي كفاح من اجل بناء هوية نجاح المستقبل، الرهان الذي يمد بالأمل ويغذي الدافعية لمضاعفة الجهد والتغلب على العقبات ومحاولات الإقصاء والتهميش. سجال وجدال يستطيع الطالب من خلاله التفاعل مع محيطه ثم القيام بمسؤوليته في التعريف بالقضية وعدالتها، تعريف يكون من خلاله الدردشات والنقاشات مع مختلف الطلبة والفصائل الطلابية المغربية. فالطالب المغربي هو خير سند للصحراويين في صراعهم العمودي ضد النظام، الذي يقف بكل ثقله على أجساد الكدح والمحرومين من أبناء الشعب المغربي الشقيق الذي هو ضحية تمويهات إيديولوجية وكذبات تاريخية وحملات دعائية اخفت عنه الحقيقة. إن الطالب المغربي المؤمن بقضية الصحراويين وعدالتها هو طالب صحراوي، لأن التحديد والمقياس من داخل الحركة هو مقياس فكري وسياسي لا إثني وقبلي، وبالمقابل من ينساق وراء أطروحات النظام وإن كانت أصوله صحراوية فهو لا يمت للصحراء بصلة. فالشعب المغربي الشقيق هو خير سند لاسيما وأن العدو مشترك وهو الأنظمة الديكتاتورية التي تقف دون وحدة حقيقية، وحدة الشعوب ، وهذه مسألة متوقفة على الوعي وكسر الإختلافات التي وضعها المستعمر وزكتها الأنظمة، هذه هي الوحدة التي يجب أن يدافع عنها الطالب لأنها تربط الإنسان بدلالة الوجود بعيدا عن الإستسلام والإصطدام الذي تعمل عليه الأنظمة المتعفنة، لهذه هي الجدوى التي لا تنطفئ و لا تزيدها رياح و عواصف الديكتاتوريات إلا توهجا و انتشارا، و لا يزيدها القمع إلا صلابة، فلا ملاذ للشعبين الشقيقين إلا الوحدة ، و الشيء الأول الذي يجب أن نفعله هو الاعتراف بوحدة الشعبين البطلين، فبدون وحدتهما و إتحادهما لن نستطيع فعل شيء لأن جماهير الشعبين هي التي ستحدد مصير المنطقة ككل و ليس مصير الصحراويين فحسب، إن الجماهير هي التي تصنع التاريخ و نحن نؤمن بذلك و لا نعرف أي تشاؤم، فالرجعيون و الانتهازيون هم وحدهم المتشائمون، و بدون هذه الوحدة لا نستطيع الاستمرار في مسيرتنا و نضالنا من اجل كسر قيود القمع و النهب و الاستغلال و الدعاية المسمومة التي هي أساس المغالطة: مغالطات تنتشر بلا هوادة في صفوف الجماهير و لاسيما المغربية التي يصور لها النظام المعركة ضد الصحراويين على أنها معركة ضد الأذى الوطني المغربي في حين أن النظام المتعفن هو العدو الحقيقي، إنها إستراتيجية التلاعب بالعقول و إدارة الإدراك، المعروفين في عمليات صناعة المواقف من خلال التضليل الإعلامي، فكلما زادت متابعة الجماهير للإعلام كلما قلت معرفتهم بحقائق الصراع الفعلية، حقائق يخفيها النظام على المغاربة و يحورها و يفرغ مضمونها العملاء اتجاه الصحراويين بتكريس الصراعات الأفقية و المجانية التي تبعد عن الصراع العمودي الحقيقي. والتاريخ مليء بهذه الصراعات المجانية و ما تنشره من حقد و عنف عشوائي غير المفكر فيه وهي صراعات يفتعلها العملاء تلبية لنداء حي على الشتات الذي يرفعه سيد العملاء للحفاظ على مصالحه الضيقة. فسنة 2005 بالموقع الجامعي مراكش عرفت تفجير صراع مع طلبة زاكورة من اجل سبب تافه لن نعطيه قيمة التأريخ و يبقى الصراع محتدم بين الأشقاء و العدو الفعلي يتفرج، و هو المشهد الذي أعاد نفسه سنة 2006 بصراع الصحراويين ضد طلبة قلعة السراغنة لينتشر العنف الأعمى و تشعل نيران الحقد التي يغذيها العملاء و أسيادهم. الصراعات الأفقية تجاوزت المحيط الجامعي، ليدخل الصحراويون في صراعات أخرى مع بعض الأحياء كحي الداوديات ( الوحدة الثالثة)، وهو صراع صرف فيه النظام أزمته المتمثلة في الاحتجاج المتكرر للساكنة من غلاء الأسعار و فواتير الماء الصالح للشرب و الكهرباء أزمة صرفت لقلة وعي الجماهير التي صورت لها المعركة على أنها نضال من أجل الحفاظ على الوجود، الوجود الباهت و السلبي و العنيف و كأن الطالب الصحراوي هو وحش و أداة طيعة في خدمة النظام الذي يبطش بكل ذي حق. وهي صراعات لا تخدم النظام فحسب لأنها مجال خصب لالتقاط صور المعطوبين و الضحايا التي تبدو كفرائس تتسابق عليها الضباع، صور تستخدم لأجل الإرتزاق و السعاية لذا الجمعيات الحقوقية التي يصور لها الضحايا على أنهم ضحايا هجمات النظام ، وعلى أنهم معتقلين سياسيين في حين يقول الواقع بأن الضحايا هم ضحايا الوعي الهزيل و الفهم الضيق للأمور، و ضحايا الأوامر الفوقية التي لا تسعى إلا للربح و الحفاظ على النصيب و الحساب البنكي الذي يبقى رهينة اللذة ، و هذه المعارك هي فضح لحقيقة العملاء و مصالحهم الميكيافيلية ؛ التي تهتم بالوصول إلى النتائج بصرف النظر عن أخلاقية الوسائل، الغاية تبرر الوسيلة. وأي نتائج ؟ تمزيق وحدة الشعبين و زرع بذور الحقد و الكراهية. صراعات متتالية استهدفت الحركة الطلابية الصحراوية و حاولت الإجهاز على تراكماتها التاريخية و نضالاتها العمودية الراقية ، ثم حاولت نسف المبادئ التي تقوم عليها : الاستقلالية، الجماهيرية، الوحدة، الديمقراطية ،هذه المفاهيم التي تحول دون التحكم السلبي بالحركة الذي لا يراعي الشروط الذاتية و الموضوعية للحركة، و لا يكرس إلا التبعية و الشتات و الرضوخ الطفيلي ثم الحد من الاختيار و التجاوز و التداول ، لأنها مفاهيم ينبني عليها الفكر الحر الذي يمتلك مصيره و يقرره و لا يتركه في أيادي عاجزة أو عميلة أو تابعة. في ظل هذه الظروف و التجاوزات التي تبغي خصاء الفكر ، أصبـح النضال الصحراوي فارغا من الحمولـة الفكريـة و السياسية و موضع شك و ريبة في الوسط الطلابي و بعلاقته مع الإطارات الصحراوية الوطنية كما المنظمات الدولية و أيضا الفصائل الطلابية الأخرى ، وأصبح النضال يعيش نوعا من العزوفية و انعدام الثقة بل إن أكثر الطلاب دخلوا في فئة المستغنى عنهم النيبالاويون، ولأن الجماهير تأبى إلا أن تحفظ عهد الشهيد بدأت في الرفع من الوعي سعيا لواقع أفضل و أمثل يبنى فيه ما هدم ويصلح ما إعوج ، وهكذا دخلت الجماهير الصحراوية بالموقع الجامعي مراكش مع نهاية الموسم النضالي 2006/2007 في النقاش الفكري الذي يتماشى مع مبادئ الثورة، نقاش بناء من داخل الصالونات الفكرية و الحلقيات التي أبانت بحق عن قدرة الطالب الصحراوي على تشكيل الفهم الموضوعي بحقائق الواقع ؛ مهما كانت الطريق قاتمة إتجهت الجماهير الصحراوية متحررة من جميع القيود ، و بكل سرور لرسم فجرها الثائر الواضح في الأفق. لقد أنجبت الحركة الطلابية الصحراوية أبطالها الجدد مشكلين بذالك الحصن الثوري الذي لا يمكن لأي قوة أن تحطمه و لا يمكن أن ينحني عبر تاريخ النضال الصحراوي. حطمت الجماهير على صخرتها كل الشعارات و الممارسات الزائفة و كل حملات التضليل ، و في تفاعل مع الواقع آنذاك نددت الجماهير بزيارة الكومبرادور لمدشري كليميم و أسا عن وعي عميق بحقيقة الزيارة التي ليست إلا استكمالا لمسيرة 6 نونبر الاستعمارية. و في مقابل هذا الوعي المتنامي لدى الجماهير الطلابية التي أصبحت لا ترضى الانقياد إلا لفكر لن يحيد عن أي شبر في الصحراء ، عمد سيد العملاء إلى محاولة تكبيل الأيادي و العقول، فبدأ أوامره الفوقية و المتعالية بفتح حلقيات بدون مراعاة الشروط الذاتيـة و الموضوعيـة للحركـة و لأن الجماهير الطلابية أصبحت تعـي حقيقة هذا المتغطـرس و أوامره الفوقية أبت الانصياع و دخلت في نقاشات و دردشات فكرية و سياسية فكان الإجماع على المضي في درب الفكر الحر القادر على رؤية الفجر من وراء الليل الحالك و رؤية النصر من وراء جبروت كل الرجعيين و رواد العصبية و العمالة و الفساد . جبروت استمر بنشر بيادق العملاء لحملات من الكراهية و بيانات استباقية فارغة من المحتوى و فوق إرادة الجماهير، ولأن رواد الفساد لا يعرفون من الألوان إلا الأبيض و الأسود ، إما معي أو ضدي، إما خاضع وطني أو متحرر عميل ، دخلوا في صراع ضد الجماهير الطلابية صراع من اجل إدامة التحكم السلبي ، فكانت بذالك أحدات 6 ابريل و أفعالها الإجرامية التي سخرت لها مجموعة من الكومبارسات التي توافدت من جميع المواقع تلبية لنداء حي على التحكـم و السيطرة ، النداء الذي يحفظ النصيب و الغنيمة، أحدات قـام بها الكومبـارسات و كانت من تأليف سيد العملاء الذي أعطى حقا مقدسا لأتباعه من أجل التنكيل بأصحاب الفكر الحـر و الرأي المخالف و هو الشيء الذي فعلته محاكم التفتيش الدينية في حق جاليلو ، الذي حكمت عليه بالموت ، ففي مقابل تسلح رجال الكنيسة بالكتاب المقدس و احتكار الحق في قراءته و تفسيره ، تسلح جاليلو" بكتاب الطبيعة المجيد " المكتوب بلغة الرياضيات حسب قولته الشهيرة " كتاب الطبيعة نقرأ فيه آيات قدرة الرب و بديع صنعه" بعد جاليلو الذي أصر ساعة إعدامه على أن الأرض تدور رغم ما دهب إليه رجال الكنيسة من دوران الشمس حولها، اتا نيوتن ووضع علم الميكانيكيات التي أسست للثورة الصناعية ، تم بعده اتا بيكون تم جون لوك تم هيوم الذين اكملوا طريق تحرير العقل من سلطة الغيب و إحلال سلطات العقل. إن القضاء على الأشخاص لا ينهي الفكر كما تصوره أصحاب الفكر المغلق و الوعي الزائف حينما حاولوا اغتيال الرفيق و المعتقل السياسي الصحراوي عالي محمد لحسن الرجعا في جنح الليل و بالقرب من المحيط الجامعي الذي أتاه الرفيق طلبا للعلم و سفيرا للقضية الوطنية . ثم محاولة قتل الرفيق المعتقل السياسي الصحراوي فضيلي ماء العينين الحسين طوير الذي استهدف هو الأخر بالقرب من محطة القطار ، من طرف مجموعة إجرامية في حالة سكر و هيجان مجموعة بيادق سيد العملاء، محاولة للقتل على مرئ و مسمع من الطلبة المتوافدين من الوطن الصحراوي المحتل و أمام المواطنين المغاربة و الأجانب الذين اخذوا صورة بشعة عن الإنسان الصحراوي بوصفه مناشد للعنف و التخريب. في هذه المعركة ، معركة تحرير العقل كانت التضحية و الصبر و الصمود أكثر مما توقع رواد الحجر على العقول، فرغم استباحة الدماء و الأرزاق و بعده التأمر على الحرية و الرمي في السجون و المعتقلات ، لم يرضخ الفكر بل استمر في فضح التجاوزات و الممارسات المخلة بشرعة حقوق الإنسان سواء تجاوزات نظم العصبية و أسيادهم أو تجاوزات نظام الاحتلال ، ولأن القلم هو القيمة الوحيدة و الممكنة من وراء أسوار السجن كتبت وثيقة 6 ابريل لفضح الأسس التي تنبني عليها نظم الفساد و ممارساتها التي تعطل أو تعيق مشروع الحياة و صناعة المستقبل ، تم أتى تقرير 6 ابريل مرفق بالصور حول واقع السجون المغربية : الإنسان ارخص من أعقاب السجائر التقرير الذي ترجم إلى ثلاث لغات أجنبية و أخد كمرجع دولي حول حالة سجون دولة الحق و القانون تقرير فضح تجاوزات نظام الرباط و إخلاله بإلتزاماته الدولية و تعهداته الدولية فـي مجال حقـوق الإنسـان ، أعمـال تفضح التجاوزات و الانتهاكات ممن و على من و أينما كانت لأن القضية هي قضية إنسانية و الثقافة كونية لا يعرفها إلا أصحاب الفكر الحرالتواصلي، التداولي، التشاركي وهو الفكر الذي لا يعرف إلا الحوار لغة له ، لان الحوار لغة الأكفاء الواثقين من أنفسهم. فأحدات 6 أبريل كما سبق الذكر وضعت النظام الصحراوي في موضع حرج ، فالعنف الأعمى و العشوائي أفرغ النضال الطلابي من محتواه الفكري و السياسي، فأن تقول أمام المنتظم الدولي أو المحلي ، أنا طالب صحراوي كأن تقول أنا إنسان غير متحضر، بربري متوحش لا أمارس إلا العنف و لا أعترف إلا بشرعة القوة . لأن الخطاب أصبح أجوفا تفضحه الممارسات التي لا تنطبق عليه فأين هي المصداقية في أن تحاول قمقمة الفكر و تنكل بكل ذي فكر حر و تتآمر على الحرية؟ و تعتبر فوق ذلك البيادق معتقلين سياسيين و في الحقيقة هم مجرد صراصير موشاة بالأوسمة ، أوسمة أفقدت الإعتقال السياسي دلالته و قيمته الفعلية المتمثلة في العطاء و الإنجاز و البناء لتعطيه قيمة معاكسة تتمثل في الولاء و العلاقة البطريريكية التي تتصف بالفوقية / التبعية ، الاعتقال و النضال و التضحية لا يعبرون في هذه الحالة عن إرادة و حوار بل عن إملاء فوقي يفرض السمع و الطاعة العمياء دون تفكير أو تساؤل ، فهل يرضى عاقل حر بهذه العلاقة لكي يقال عنه معتقل سياسي ومعتقل رأي ؟ وهل يحتفظ الإنسان في ظل هذه العلاقة بصفته ككائن عاقل ومفكر أم على العكس من ذلك ينزل إلى مرتبة الحيوان؟ الجواب: هو أن هؤلاء مجرد حيوانات لا تصل إلى مرتبة الإنسان لذالك نصفهم على طول المعركة بالقردة و الخنازير و البراغيث و الصراصيرو التصفويين. أما المعتقلون السياسيون الحقيقيون فلا تشرفهم مثل هذه الأوسمة المتعفنة التي فقدت المعنى و تعرضت للتأمر على المعنى الأولي ، و أصبحت مجرد وسيلة سحرية غايتها التحكم بالعقول و ترويضها ، و الإعتقال السياسي هو حكم بيد الجماهير الصحراوية و تعكسه الساحة النضالية و الأعمال الراقية المدافعة عن الفكر والمحددات الإديولوجية للمناضل الحقيقي . أعمال راقية عكستها المحاكمات البطولية التي كانت كأعراس لأبطال نبعوا من الجماهير و للجماهير و عبر الجماهير محاكمات سياسية و تشبثت بالمبادئ و الأفكار و القناعات بكل صبر و صمود رغم التعتيم الإعلامي الممنهج الذي يرمي العزل عن جماهير الشعب و الدفع لرفع الراية البيضاء أو الراية الحمراء، صبر و تضحية اظهر حقيقة الجلادين و تهمهم الملفقة و أسقطها أمام عظمة الجماهير التي وقفت بقوة على طول طريق أحكام منطق الفكر الحر. حقيقة ظهرت بغياب أي سند قانوني مبرر للاعتقال و بشهادة الشهود و الضحايا المفتعلين، فالحقيقة و التهم التي لا ننفيها هي الإيمان بقضية الشعب الصحراوي، القضية التي وجب تحريرها من القيود ، حقيقة أبانت عليها تحقيقات و تعذيبات جلادي دولة الحق و القانون من داخل مخافر التعذيب السرية و العلنية و المعركة هي ضد قوة غير شرعية و الاعتقال غير شرعي، و لعل هذا ما عبر عنه المعتقلون برفضهم الجنسية المغربية بعد أن ناداهم قاضي الاحتلال بها ، ليتعرضوا بعد ذلك لتعذيب وحشي و همجي من داخل السجن و يساقوا لزنازين انفرادية"الكاشو" لكن الحذاء يطفئ الشرارة لكنه لا يستطيع إطفاء البركان الثائر، فتستمر المعركة و يستمر التفاعل مع القضية الوطنية و تسقط محاولة العزل عن الأحداث و تستمر الإضرابات البطولية التي زادت عن 156 يوم في إضرابات متعددة، لا لشيء إلا للانتقال من الفكر المغلق بثوابته و ترتيباته المسبقة إلى الفكر الحر بآفاقه المفتوحة و ثوراته التحررية ، التي تنبذ كل الممارسات التوقيفية و الرجعية و الانتهازية، ممارسات تأكد على أن هؤلاء المحرضين لم تكن لهم يوم علاقة بالنضال الحقيقي في أبعاده الإنسانية الأممية ، الكونية، وخطابهم الذي يحاولون تخميره بخمار الوطنية هو غطاء فارغ من المحتوى لأنه لا يرمي إلا الشتات و السيطرة و الإخضاع و تقييد الفكر و الحفاظ على الواقع المأزوم ، وهي مرامي تتنافى مع شرعة حقوق الإنسان التي ينصبون أنفسهم مدافعين عنها . إن معنى أن تكون حقوقيا و مناضلا حقيقيا هو أن تدافع عن الحريات و الاختيارات عن النزوع للاستقلال الراشد و مبادراته. إن معيار الحقوقي هو الحق بمعنى الصواب و الحقيقة لا الحق بمعنى الرزق و الغنيمة ، و الحقوقي في مفهومنا هو إنسان يدافع عن إنسانية الإنسان و كرامته المهدورة من طرف أنظمة الهذر الدكتاتورية دون التحيز لدكتاتورية معينة، انه إنسان لا يعترف بالحدود بل يسعى لأنسنة الوجود، إن ثقافة حقوق الإنسان هي ثقافة كونية أممية لا تهدف لتغيير الدكتاتوريات و حسب بل تتجاوز ذلك لنسف الأسس التي تنبني عليها و العمود الفقري الذي يكونها. أما أولائك البراغيث الذين يحاولون الإبقاء على حالة الضياع التي يعيشها الصحراويون. فيمكن القول أن النضال منهم براء، وخمارهم الحقيقي هو العمالة و الرجعية التي تقف دون امتلاك الصحراويين لمصيرهم فما بالك بتقريره. فأين هي صفة الحق و الإنسان في هذه الممارسات ؟ و أين هي الرغبة في تقرير المصير التي يعبر عنها الخطاب؟ وهل تتحقق الحرية وفق ثنائية الولاء/النصيب؟ الجواب هو "لا" التي حوربنا من اجلها "لا" التي هي منهج لكل ذي فكر سليم. "لا" التي رفعتها الجماهير الصحراوية اتجاه مصادر القيود، المصادر التي سقطت ورقة التوت التي تخفيهم ، المصادر التي يعتقلها النظام اليوم فما حقيقة هذا الاعتقال ؟ و ما الذي يحدث أمامنا؟ .2 إعتقال ما يسمى برموز الانتفاضة إن تفخيم هذا الاعتقال، و إعطائه حجما أكبر من حجمه الحقيقي ، و إعطائه حيزا كبيرا في إعلام المحتل بشتى ألوانه، هي محاولة للسيطرة على المجال الإدراكي للجماهير الصحراوية ، بتحويل المجموعة لرموز و أبطال، و يكون حضورهم كليا في مدركات الجماهير الواعية و الغير واعية ، المقصودة و العفوية ، هذا الحضور المكتف يشكل حالة غمر إدراكي . و الهدف من هدا الغمر هو تشكيل القناعات لدا الجماهير و التلاعب بعقولها و صولا إلى دفعها إلى مواقف ايجابية اتجاه المجموعة أي تبنيها و اعتبارها كزعامات حقيقية و امتداد لديناصورات الماضي. تأتي هذه المحاولة التجميلية في وقت أصبحت الجماهير تعي حقيقة هؤلاء المسوخ، و هنا ولكي لا يساء فهمنا نشير إلى أن المجموعة قد اختلط فيها الحابل بالنابل ، الصالح بالطالح ، الوطني بالعميل، اعتقال واحد لكن الأهداف متنوعة. هناك من شارك في هذا التكتيك الذي رسمه النظام بوعي و هناك من شارك فيه من غير وعي، و هناك من شارك و هو يعي الخلفية الحقيقية وراء هذا الاعتقال و التي لا تخدم سوى المحتل، إذ انه بواسطتها يصوغ الملامح الفكرية و التطلعات و الممارسات السياسية كما يخوض بها معارك الحاضر طلبا للمشروعية و المصداقية المفتقدة في ملامحه و تطلعاته و ممارساته ، و هناك من شارك و هو ضال ، صورت له المعركة على أنها نضال وطني و تضحية من اجل الخط السليم ليساق في الأخير إلى متاهات تهدف تدجينه و توظيف إمكانياته لخدمة الإحتلال و فرض سطوته ، أي تحويله من عقبة إلى أداة. وهذه المحاولة ليست فقط خرق لميثاق حقوق الإنسان و تفنن في الاعتداء عليه، فالمسألة تتجاوز شرعة حقوق الإنسان، إنها ليست مجرد اعتداء على حقوق الإنسان بل عملية تدمير كياني ، تمارس تاركة هؤلاء في حالة تصدع نفسي و عجز جسدي، يخرجان الفرد من مجال الحياة الفاعلة و المنتجة إلى الركون في الزاوية و التخلي عن الأفكار و المبادئ و القناعات أو أكثر من ذلك لاستبدالها و الدخول في خانة العملاء بوعي. قلنا أن الجماهير أصبحت تعي جيدا حقيقة علي سالم و أمثاله الذين أرهقوا القضية الوطنية بعمالتهم و جرائمهم، و ليس أدل على هذا الوعي المتنامي لدى الجماهير سوى الإبعاد و النفور الذي يواجه به هؤلاء إضافة إلى حضورهم السلبي في المناقشات و الاجتماعات و الحلقيات والشعارات الجماهيرية: **الرجعية الرجعية دحان و المتوكل و علي سالم و البقية . و هذا التلميع الذي خص به النظام عملائه بعد سقوط ورقة التوت التي كانت تستر عوراتهم و تخفي حقيقتهم ، يندرج ضمن ما أصبح يسمى في علم النفس بإدارة الإدراك ؛و يقصد به التحكم بأفكار و مواقف و ميول الصحراويين كي يتصرفوا كما يريد و ما يخدم أهدافه، و تعد إدارة الإدراك من الأساليب الخطيرة للتلاعب بالعقول و تشكيلها ، و تتبع في ذلك عدة أساليب منها تكرار الموضوع و التركيز عليه و إبرازه بشكل لافت للنظر، وبنشر صور هؤلاء على صفحات الجرائد بالألوان تحت عناوين براقة توحي بالعظمة و القوة وهي محسنات تظهر من خلالها البراغيث في صور ديناصورات، و تلعب هذه المحسنات على مخيلة الجماهير و خصوصا أصحاب الفهم الضيق و الوعي الهزيل، الذين يفتنون بالمظاهر، و يحتاج الأمر إلى تفكير نقدي مركز و مقصود لمقاومة هده العمليات التجميلية و فهمها على وجهها الحقيقي و هو بالطبع أمر لا يتاح إلا للقلة من الجماهير. ما الذي يحدث ذهنيا و بالتالي فكريا من خلال آليات إدارة الإدراك هذه ؟ ببساطة - و كما عبر عن ذلك سكانير- تتشبع الذاكرة المعرفية بهذه الأمجاد و الصور و الرموز و سيتم بناء شبكة إدراك عصبي في الدماغ بشكل تلقائي و عفوي، تبعا لهذا التشبع ، وهو ما يرسخ الميول و الاتجاهات و يغرس القناعات ، و بالتالي برمجة السلوك و ترويض المواقف ، كثافة احتلال المجال الإدراكي تؤدي إلى ما يسمى بمبدأ صدارة الانطباع ، و بمعنى أخر النظام يريد تغيير الانطباعات السلبية التي أنتجتها الجماهير نحو هؤلاء - و نعني العملاء بوعي- لكن هذه المحاولة العاجزة في هذه المرحلة التي تتسم بوجود وعي حقيقي موضوعي حول واقعنا الصحراوي مقابل الوعي الهلامي، وبداية تشكل وعي يرى ضرورة السيطرة على قوانين واقعنا الصحراوي فكريا و عمليا مقابل وعي التعلق بالأوهام اليوتوبية هذه المحاولة العاجزة استهانة بذكاء الصحراويين، إن لم تكن تعبيرا عن بلاهة أصحابها ، الصحراويون يعلمون و يعون جيدا أن مكان هؤلاء هو مزبلة التاريخ الذي سيسحقهم لا محالة ويتركهم غبارا تضيع آثاره في أرجاء الكون الفسيح. وهذا المكان أي المزبلة قد إحتله هؤلاء بجدارة و استحقاق لأنهم ليسو مناضلين حقيقيين، و هو شرف لا يجوز لهم أن ينالوه، إنهم أدوات طيعة تابعة في نسق تابع، وقف ضد تيار التاريخ، و لم يستوعب حركة التغيير فخدعه ماضيه و ألهاه حاضره حتى نسي مستقبله، وبقراءة فاحصة لأحداث 6 أبريل التي عرفها الموقع الجامعي مراكش، و الأموال الطائلة التي صرفت عليها، و التي كان من المفروض أن تصرف للحد من معانات و نزيف الجسد الصحراوي الطافح بالطعنات ، الأحداث الدامية التي لا تزال جراحها مرسومة على الأجساد، لتتحول إلى لعنات تلاحق العملاء من فوق الأرض و من السماء، و بقراءة فاحصة يمكن أن نستخلص أن هؤلاء لم يكونوا يوما تعبيرا عن إرادة الجماهير و تطلعاتها، بل العكس من ذلك، لطالما وقفوا دون تعبئة الطاقات و الإمكانات بوقوفهم في شرفات متعالية يلقون طوب التفرقة و الشرذمة و الشتات لأن نضالهم هو نضال حسابات بنكية تحركهم نظم عصبية ( قبلية ، إقليمية ، عائلية ) محضة يتم الولاء لها على حساب مصلحة الوطن، الشيء الذي يجعلها تستطيع بناء سلطات لكن بعد عليها أن تستطيع بناء أوطان لأنها تبقى و بحساباتها رهينة اللذة. و لهذا فان فضح هذه الحقيقة و العمالة و فضح محاولات تغييبها، و الكشف الدائم عن وجهها القبيح، قضية بالغة الأهمية، بل حاسمة للتصدي لسياسة الاحتلال و ما تكرسه من تمزق. من هنا تطرح أسئلةنفسها و بقوة: ما مدى الاستفادة من تحركاتهم لصالح الجماهير الصحراوية و القضية الوطنية ؟ من هو المستفيد منها و بها ؟ ما هو اتجاه نمو و تطور حركة الجماهير في ظل نضال هذه الرموز المصطنعة ؟ و لمصلحة أي جهة ؟ تحركات مفضوحة لا تسعى إلا لتكبيل حركة الجماهير و تكريس الواقع المزري و إعادة إنتاجه جوهريا باعتصار الطاقات و عرقلة إمكانات التغير الجدري المستقل، عن طريق قهر و شرذمة و تعالي و إفراغ وعي متصل لحركة الجماهير التي أصبحت لا تتسع من المفاهيم إلا مفهوم الطاعة، التبعية و الانقياد...... إلى أخر مفاهيم فلسفة الانصياع و موسيقى الابتذال التي عزفها هؤلاء على طول خط اللا حرب و اللا سلم، الفلسفة التي أفقدت كل الكلمات و المعاني ( الوحدة، النضال، الوطن، الحركة، الاستقلالية و الجماهيرية... ) دلالتها و عرضتها للإبتذال، بل التأمر على المعنى الأولي، لسوء استعمالها أو لكثرته بمناسبة و بغير مناسبة يلزمنا أن نغسلها بثاني أكسيد الكربون قبل استعمالها من جديد، لأنها فقدت شروط إمكانيتها و المتوافر الآن هو عكسها تماما. تحركات لم يجني منها الوطن إلا الشوك، فقد لغمت الأرضية أمام أي مشروع نضالي أصيل بالوطن الصحراوي المحتل، باستراتيجيات لا ترمي سوى السيطرة و الإخضاع، لأن الذي يقف وراء هذه التحركات ليس عشق الحرية و الرغبة في صنع التاريخ و تقرير المصير كما تنطق الألسنة المحنطة لهؤلاء البراغيث ، بل السعي للحفاظ على مصالحهم الضيقة و المتعفنة، إنها حق أريد به باطل، و الباطل كان زهوقا.. و معرفة هذه الحقيقة ، أي كون رواد العصبية و العمالة و الرجعية محط عجزنا، يجعلنا اقدر على صنع حقيقتنا و تاريخنا، و يحد من تسلط و استبداد أسيادهم الذين تحولوا إلى بورجوازيات بيروقراطية سلكت طريق الاغتناء السريع على حساب جوع و ألم و بكاء أبناء الشعب الصحراوي الأبي، و أما الابتعاد و عدم الوصول لهذه الحقيقة و الغرق في الخطابات البراقة و التوهيمات الاديولوجية، فلن ينتج سوى مزيد من سيطرة هؤلاء الخفافيش التي تعمل في الظلام لإفراغ القضية الوطنية من جوهرها و عصارتها. و نظام الاحتلال بهذا التحرك لم يرغب في إدارة إدراك الجماهير و إحكام السيطرة على المناضلين الحقيقيين فحسب. بل سعى لتصريف أزماته الداخلية للخارج، و نفهم من تصريف الأزمة و تصديرها، إن النظام الدكتاتوري للرباط يواجه مأزقه و إخفاقاته المتلاحقة في إيجاد حلول للمشاكل التي يتخبط فيها، و الآفات و الظاهرات التي تقلقه و تهدد استمرار يته و المتعلقة بالفقر و البطالة و الجريمة و انتشار المخدرات و ارتفاع وثيرة الاحتجاجات و تبعات سياسة القمع و التشريد التي ينهجها النظام اتجاه كل مطالب بحق و تصريف الأزمات إلى العدو الاستراتيجي الذي يهدد امن و سلامة البلاد و " وحدته الترابية" ، ما هو إلا هروب من معانات و مأساة الكدح و المحرومين و محاولة تفريغها خارجيا ومن هذا المنطلق رفع النظام شعار الوحدة الوطنية و حاول أن يعكسه من خلال تصريحات بعض الأحزاب و جمعيات المجتمع المدني و حتى استطلاعات الرأي العام و الذي تبدو له هذه الشعارات كمجموعة من الكلمات المتقاطعة التي لا تفهم و لا تستوعب و بالتالي لا يمكن إدراكها و نعني بالإدراك الإيمان الحقيقي بها و الاستعداد للتضحية من أجلها، وفي الوقت الذي يعبر النظام على أنها ضرورة ملحة يؤكد الواقع على أنها مجرد سياسة بالية تسمى تصريف الأزمات، وقد وجهة الآن إلى نظام قاسمه المشترك مع نظام الرباط أنه ليس ديمقراطيا، إذا عن أي وطن يتحدث النظام السياسي القائم بالمغرب وأي حس يحاول ايقاظه من داخل نفوس ضحاياه ؟ و ما هي نسبة المغاربة التي هي على استعداد للتضحية من اجل وطن بهذه المواصفات ؟ المواطنة أو الحس الوطني أو الشعور بالانتماء للوطن هي مفاهيم تحيل على علاقة وثيقة تجمع الوطن و المواطن، فعندما يضمن المواطن حقوقه الأولية من وطنه فانه من الطبيعي أن يشعر بأن الانتماء لهذا الوطن امتياز يتوجب المحافظة عليه و التضحية من اجله بالغالي و النفيس، أما حينما يصبح المواطن عالة على المجتمع يتم التلاعب بحقوقه، فان الانتماء للوطن يغيب، بل أكثر من ذلك يصبح الوطن شرا و جحيما يجب الهروب منه. و لا عجب أن نلاحظ أن الكثير من المغاربة قد مارسوا فعلا سياسة الهروب إلى جنات و نعيم مفترض عن طريق ركوب قوارب الموت أو الهروب عبر ركوب أجنحة المخدرات و جميع أنواع الهلوسة التي تسبح بصاحبها في عوالم الكرامة و العدالة و الحرية أو حتى الهروب لمعانقة تيارات و جماعات قد تحقق حريات و حقوق مفقودة. و في كل هذه الحالات الجميع يفكر في الفرار لأن الانتماء أصبح مجرد ضريبة ثقيلة يجب التنصل منها، من هنا فالوطنية ليست معطى تابت و جاهز يفطر الناس عليه بل هي بناء مستمر و قيمة يحضى بها الجميع و ليس أقلية محضوضة على حساب أكثرية محرومة مسحوقة. إن ما يحدث هو عملية تضليل إعلامي كبرى من خلال الاستعارات الاختزالية التبريرية للانتهاكات والتجاوزات الممنهجة في حق الشعب الصحراوي الأبي، الشعب اختزل في المجموعة، والوطن اختزل في سيد العملاء و بيادقه ، بحيث يغيب الاعتداء المطبق على الصحراويين بمبرر مشروع وهو القضاء على المتخابرين مع العدو / العملاء بوعي . فالشعب الصحراوي/أشخاص متخابرين هي استعارة نافدة قوية ، تشكل جزئ من نظام استعاري محكم بحجة حماية الوطن المغربي من تهديدات القوى الخارجية التي تسعى لتهديد سلامة و وحدة المغاربة . اذا النظام يريد القضاء على أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها العدو، هذه الأسلحة هي الصحراويين. و بهذا يتحول الصحراويون إلى أناس يناشدون العنف التخريب و الوقوف فوق القانون و الشرعية الدولية، و بحاجة إلى قوة تأدبهم و تلقنهم الدرس و تلزمهم حدودهم و تقضي على شرورهم ، وهكذا يتحول الاحتلال في قمعه للصحراويين و حقهم في تقرير المصير إلى بطل يحفظ النظام و الاستقرار ضد مجرمين مهددين ، و تستكمل الاستعارات الاختزالية في ربط العملاء بوعي بالجزائر و التأكيد الاغراقي على هذه العلاقة: الصحراويون يعنون نظام الجزائر يعني العدو الاستراتيجي لنظام الرباط ، الأذى الوطني المغربي و الجرح النرجسي للمغاربة ، و بالتالي تبرز عدالة و ضرورة نبذ الصحراويين و الحقد عليهم. و في الأخير يتم إيهام المغاربة( أحزاب ، مجتمع مدني ، المواطن ، تلاوين القمع) بأنهم يدافعون عن الوطن في حين أنهم لا يدافعون إلا على تمزقهم بالجري وراء عدو وهمي و ترك العدو الحقيقي الذي هو النظام السياسي القائم بالمغرب. وهكذا يتحدث النظام على حرصه في أن تكون الصحراء مزدهرة ( في إطار الحكم الذاتي ) بالحديث عن إعادة هيكلة المجلس الانتحاري للشؤون الصحراوية و كذا مراجعة وكالة تنمية الأقاليم الجنوبية، وكالة نهب الصحراء الغربية. ويطمس الحريات و الحقوق و يقمع المظاهرات و الحلقيات السلمية المنادية بالاستقلال، وهكذا فان نظام الاحتلال بإعلامه المكتوب و المرئي يتبنى اتجاهات كلية اختزالية/تكييفية / تبسيطية تتحول إلى مسلمات يصعب تفكيكها و فضحها بسبب بساطتها ذاتها ، وإحكام صياغتها و إغراق الإدراك بها وصولا إلى قتل الوعي : وعي الشعبين بحقيقة أعدائهم. وأخيرا يكون النظام بهذه العملية التضليلية قد أعاد صناعة علي سالم باعتباره رمز للصحراويين و بطلا تم باعتباره شرا و جحيما لدى المغاربة و يقاس عليه كل الصحراويون اللذين يدافعون دفاعا مشروعا عن التاريخ و المصير و إذا كان سيد العملاء لا يحمل من القيم غير الرذائل و لا يمارس غير الانسلاخ عن الواقع و المجتمع و لا يكرس غير التبعية و خدمة أجندة الأجنبي ، فان المعادلة لا تنطبق على جميع الصحراويين كما حاول أن يسوق النظام. الشعب الصحراوي الأبي ليس لعبة في يد أي كان . سواء نظام او نظام الجزائر ’ الصحراويين ليسو عجينة في يد اي ديكتاتورية لانها قيم تتنافي مع قيم و مبادي و قناعات الانسان الصحراوي ’ و الاجندات الخارجية لا مكان لها في الفكر السليم و البناء و مكان في الفكر الملغم ’ فكر الحجر علي العقول الذي انتج اشكال جديدة من العبودية ’ و لغم الحريات بممارسات فوقية نخبوية او بوليسية مخابراتية و جب الحسم معها .انها لحظة الحسم و اي الحسم . الحسم مع العملاء و العملاء المزدوجين اصحاب النضال التجاري : اما وطني او خائن , اي اما وطني لا يرضي الانقياد و لا يكرس التبعية او خائن سواء لحساب نظام الرباط او نظام الجزائر او غيرهم من اي كان ’ ليس هناك منطقة وسطي تجعل الوطن مجرد مرعي و عين ماء ليست هناك و طنية بان تضع رجل في الجزائر و رجل في المغرب و فمك مع الصحراويين . ان القضية فعلا هي قضية وجود لا مسالة حدود .قضية وجود الصحراويين وجود يضمن حقهم في تقرير المصير وفق الشرعية الدولية .وبعيدا عن كل تبعية و تحيز و يعمي عن رؤية الواقع الموضوعي ’ و بعيدا عن الاوهام التي تتحكم بالعقل الصحراوي تحكما رهيبا يبعده عن جادة الصواب ’ و من ابرز هذه الاصنام التي نحتها البشر من حجر و عبدها و تشبث بها . انه لم يعد ممكنا اليوم ممارسة الحريات او الدفاع عنها بهذه نماذج و العقائد و القيم الملغمة التي وجب محاربتها لأنها تحولت الي عقبة . و التقدم في طريق تقرير المصير لا يتحقق الأ بنوع من التطهير الشاق اللأخطاء . و الرواسب . وهنا تلزمنا الجراة لاقتحام هذا المستنقع من الفساد . و تحمل مخاطرة التصادم مع الراهن المتعفن . ان المرحلة التي نمر منها هي مرحلة محورية في تارئخنا كصحراويين .فإما ان نكون او لا نكون . إما ان نكون قوة متحكمة في مصيرها و اما ان نرفع شعار التغيير و اما ان نناصر الجمود. نعم يجب التحرير من هذه الممارسات التي لغمت الحريات و الحقوق ’ تلغيم تجاوز الوطن الصحراوي المحتل ليصل الي المواقع الجامعية او الوطن المغربي .و هنا و كما و ضحت احداث 6 ابريل هناك مساس بقوة " القانون " و الامن و الاستقرار و النظام العام . الضامن الحقيقي لممارسة الحريات .هذه الممارسات هي تحريف لروح الشرعية الدولية . فنحن كشعب له الحق في تقرير المصير لدي الشرعية الدولية ’ ليس لنا الحق في ممارسة العنف و التخريب من داخل بلد اخر . كما فعل سيد العملاء ببيادقه اللذين شوهوا النضال الحقيقي . مــــــــنــــــــاشــــــــدة بعد كل ما قلناه نجد انفسنا مدعوين لطرح الشعار التالي علي هيئة سؤال : ألم يئن الاوان ان نستفيق من سباتنا و نحرر العقل الصحراوي من عقاله ؟ هذا العقل سجين مغلول , مقيد بالأصفاد . فمن سيفك الاسر و يلبي نداء حي علي النضال ؟ لهذا المعني وجب تحرير العقل الصحراوي من قيوده لان تحرير العقل هو الشرط الاولي و المسبق لكل تحرير . المخيف و المرعب بهذا الصدد هو ان المقيد لا يشعر انه مقيد بل علي العكس يعتقد انه حر في ممارساته و يمارس حريته . بل يستغرب ان نثير له مشكل غير موجود، و نعني هنا بتحرير العقل الصحراوي من قيوده نعني قيود الرجعية و العمالة التي سيطرت علي و عينا و دمرت القضية الوطنية بالعقلية النخبوية الفوقية التي تقوم علي احتقار الناس و التعامل معهم بوصفهم قاصرين او جهلأء مهمتهم التصفيق و الوقوف موقف الثناء و التبجيل كقطعان بشرية تمارس الوصاية عنها و يفكر عنها و تقاد و يستبد بها . وفي هذا الصدد قد يثور علينا البعض و يتهمنا بشتي انواع التهم و النعوت . فنتهم بالتامر علي القضية الوطنية . التأمر علي القيود و الاصفاد . وهذه اعلي درجات الغياب و الاستلاب اكبر مشكلة ان تشعر بالمشكلة . او اكثر من ذلك نعتبره المشكلة هي الحل و اكبر درجات العبودية هي ان تشعر انك حر . وانت مقيد بالاصفاد . عندما نتحدث عن تحرير العقل من قيوده فإننا لا نقصد شئئا مثاليا او تجريديا او ميتافيزيقيا .بل نقصد شيئا واقعيا محسوسا نقصد ان العقل يصاب بالمرض مثله في ذلك مثل الجسد, هذا المرض ينزل العقل الي الدهاليز السفلية التي تشبه البئر المظلمة, بئر لا يستطيع معه العقل الصعود و لا يستطيع العيش فيه إلا اذا كان من مملكة الخفافيش التي تعمل في الظلام لتكريس تمزقتا و شتاتنا . وفي هذه الحالة المرضية التي تصيب العقل , يصبح هذا الاخير هو السجن و السجان , المستعمر و المستعمر في ان معا . و هكذا تصبح الجماهير الصحراوية عاجزة عن الانتصار في المعركة لانها معركة فقدت جوهرها و عصارتها . فكيف سيتحرر من لا يعلم انه غير متحرر ؟ يتحرر اولا بمعرفة انه مقيد , تم ان يبدأ النبش عن مصدر قيوده . النبش في الاعماق الي أبعد نقظة توجد علي مستواها هذه القيود . الي ان تنبثق الحقيقة المطموسة . إننا ننتظر بمقدار و عينا الموضوعي بحقيقة عدو ما . و بمقدار مشاركة الجماهير الفعالة و اننا ننهزم بمقدار طمسنا لحقيقة المحتل . و عملائه بين ظهرانينا و بمقدار مهادنته في وقت لايمارس فيه إلا قمع حركة الجماهير و اشاعة الوعي الزائف و النضال المصطنع تكرسا لمصالحه و دعما لسلطانه و القضاء علي هذا النوع من الوعي بنضال حقيقي , لا يتحقق إلا بثورة شاملة علي الراهن المتعفن . وهذا الثورة الشاملة لا سبيل لها بغير سلطة ثورية مسؤولية واعية فعالة و هي سلطة مفقودة في زمننا الراهن... لذا وجب ان نعمل و نناضل , و نعي ونتدارك , ونوحد صفوفنا في قلب الحركة الجماهيرية و ننشر روح النقد الإبداع و الجسارة الفكرية و كشف المغالطات و الزيف . هذه بعض معالم الطريق علي المهم هو توعية الجماهير باهدافها و بحقيقة اعدائها و باساليب النضال و مناهجه , ليتجسد بذلك فعل جماهير حاسم متصاعد في مواجهة الاحتلال و عملائه . فما أعظم ما قامت به الجماهير الصحراوية من منجزات وما اعطته من تضحيات في سبيل تحقيق غايتها الكبرى. ولكن ما اكثر ما تسللت الي هذه المنجزات و التضحيات قوي الفساد و الرجعية لتتاجر بها بذل فضح المحتل و سياسته و انتهاكاته الجسيمة و الممنهجة في حق الشعب الصحراوي الابي . تسلل بطش بكل هذه المنجزات و الضحيات لاسباب كثيرة , ولكنها في جوهرها ضعف الذات السياسية التي ينبغي ان تسلح الجماهير ستحسمها لما فيه صالح الوطن الصحراوي المحتل . ولكن ما اكثر ما تتعطل الحركة و تعاني الجماهير و تتشتت الجهود و تتبدد الطاقات لان الذات السياسية لا تمتلك رؤية و تصور متكاملين للمستقبل و ليست لها القوة لتضع النضال و الحركة في ايدي اصحابها الحقييين القادرين والواعين من ان القضية هي قضية حياة , قضية مصير , قضية ان نكون او لا نكون . ( إذا صدر قول من قائل يحتمل الكفر من مئة وجه .و يحتمل الايمان من وجه واحد حمل علي الايمان ولا يجوز حمله علي الكفر)... و هذا ما حمله علي عاتقه الخط الوطني الثوري الصحراوي الذي لا يغيب احد و يتحاور مع الكل انطلافا من مبادئه الثورية . التي تحاول البحث في الواقع وبين غبار معاركه . ومن خلال شروطه . و منطق علاقاته . عن أفق واعد او عن بارقة أمل تحملها أيادي الشباب خصوصا، وأيادي الشعب عموما . ومثل هذه الاسئلة التي توقظ الوعي و تضعه في مواجهة شروطه . هو البداية التي تجعلنا نتجاوز الاحتفالية الانفعالية أو التخييل الايديولوجي . فنغير الحاضر و ننطلق نحو المستقبل متحديين عنف استعمارنا المركب...
|
التعليقات
لا تعليقات ... كن أول من يعلق
.... التعليقات لا تعبر بالضرورة عن رأي الصحيفة