بقلم : محمد لحسن.
هناك قاعدة استبدادية مستنتجة من سلوك انظمتنا العربية هي : كلما طال عمر نظام كلما انعكس اتجاه بوصلة تحديد العدو لديه، وتحول من الخارج الى الشعب فيبقى العدو الخارجي مجرد فزاعة تعطي شرعية تهمة الخيانة وكل المعارك تخاض مع العدو الحقيقي الداخلي الذي هو الشعب وهو ما يتجلى ذلك في شعار العدو الصهيوني الذي حمله نظام الاسد طيلة 40 سنة و في حقيقة الامر لم يكن يحارب سوى شعبه وكذا النظام المصري وحتى نظام فتح الذي يحمل شعار عدو خارجي لكنه لا يمارس حروبه الا مع الفلسطينيين.
و النظام الصحراوي كغيره من الانظمة التي احتكرت السلطة اصبح المتتبع لسلوكه لا يحتاج الى كبير فطنة ليحدد عدوه الحقيقي، اذ ان اغلب المعارك الاخيرة التي خاضها النظام و اخذت الكثير من الجهد والامكانات لم تكن مع الاحتلال المغربي !! كما يظن البعض وكما يفترض ان يكون عليه الامر، بل كانت مع المواطن الصحراوي، الرافض لهذه القيادة وفسادها، ولا احد سواه.
لقد اصبح الهم الاول والاخير لهذا النظام هو ابقاء المواطن تحت الوصاية و سد اي ثغرة يمكن ان يعبر من خلالها عن نضجه وقدرته على الاختيار، وهو “المواطن” المثقل اصلا بهموم واقع اللجوء، وصعوبة يومياته، الا ان حرية الاختيار اصبحت بالنسبة لمالكي النظام خطرا وكل فرصة يمكن ان تسمح بذلك يجب ان تفوّت بطريقة او بأخرى، قانونية كانت اوغير قانوية، اخلاقية او غير اخلاقية كما حدث مع وعد عدم الترشح، وكذبة التغيير والتجديد في المؤتمر الأخير.
ففي الوقت الذي كان فيه ملك الاحتلال يعقد مجلسه الوزاري في العيون المحتلة كان النظام الصحراوي يخوض معركة التعديل القانوني الاخير الذي مس طريقة انتخاب البرلمان، للالتفاف على ارادة المواطنين لأن السيطرة على النسبة الضامنة لتمرير اي شيء يريده التي كانت تميز البرلمانات السابقة اصبحت لا تكفي على ما يبدو ،والوصاية على النواب بتحديد مشرف عليهم ” رئيسهم” قبل انتخابهم ومطالبون بانتخابه هي الاخرى لا تكفي، وحتى الاصوات القليلة وغير المؤثرة التي كانت تكسر رتابة الصمت صارت حسب المقاييس الجديدة ممنوعة من الوصول الى قبة البرلمان، مما يعني ان المقاييس المطلوبة هي برلمان يحسن نوابه ارتجال القصائد العصماء في مديح الحاكم تماما مثل برلمان بشار الاسد، نخبة مختصة في المديح لقدم رئيس فيالعالم !!!.
بهذه الطريقة اجهض النظام فرصة انتخاب برلمان في مستوى التطلعات وانتصر على المواطنين الغلابة بقرار من فخامته يضيّق عليهم هامش الاختيار الى حد الانعدام، كما انتصر فخامته في المؤتمر المسرحية الأخير، بتحويله من مؤتمر للاصلاح الى مهرجان للتزكية وكما انتصر في محطات قبل ذلك على المواطن طبعا.
وهو ما حدث ايضا مع اعتراف السويد فعندما كان الاحتلال المغربي يحارب في ستوكهولم كان النظام بكله وكليله يحارب في المؤتمر لأنه يريد مؤتمر على مقاسه، وحكومة على مقاسه، وبرلمان على مقاسه. وكلما زادت رغبته في تفصيل المجتمع على مزاجه كلما زاد ضيقا بالأصوات الناطقة بما لا يريد على الرغم من قلتها ومن عدم جدوائيتها، خصوصا من منها في الداخل.
فبعد الوزير الحاج احمد، الذي عوقب لأنه قال كلمة حق، ومنع من اي دور في المزرعة الخاصة جاء دور النواب الشاذين عن القاعدة ولكونهم منتخبون ولا يمكن معاقبتهم على طريقة الوزير تم تغيير القانون ليقلل من فرص نجاحهم .
هناك حقيقة للاسف لا مفر منها هي ان النظام بقيادة فخامة الرئيس يمكن يصنع مؤتمر على مقاسه وحكومة على مزاجه وبرلمان وغير ذلك من المؤسسات كما يمكنه ان يحول الكل الى ملك خاص او عائلي الا انه لن يحقق مثقال ذرة من الاستقلال لانه ببساطة لا يحارب الاحتلال بل يحارب الشعب وقدرته على الاختيار . ومالم يتخلص من هذه العقدة و يسترجع اتجاه البوصلة الصحيح سنظل على هذا الحال بل اكثر. لذا فالشعب امام موقف حساس وتاريخي غتجاه هذه القيادة الفاسدة، إما ان نكون، او لا نكون...
بقلم الأستاذ: محمد لحسن، بتصرف.
|
التعليقات
لا تعليقات ... كن أول من يعلق
.... التعليقات لا تعبر بالضرورة عن رأي الصحيفة