الأخبار -
مشاركات
|
ليس في ما قرأته في العنوان أعلاه أي خطأ، لكنه محاولة لنحت مصطلح لظاهرة متفشية في أوساط المتعلمين وغير المتعلمين ومن الجنسين،لا تبدأ بعمر ولا تقف عند آخر ، وهو نحت أجاري فيه الأشقاء الجزائريين في مصطلح "السياسوية" الذي صاغوه لوصف الغلو السياسي، وهو تماما ما اعنيه من هذا الوصف "الوطنوية" أو "الوطنويون" أي المغالاة في الوطنية والمزايدة على وطنية الآخرين .
لا ادري من أين اكتسب البعض هذه الجرأة في احتكار الوطنية لنفسه؟ ووصم جميع من لا يوافقه الرأي في مسالة ما بالخيانة(مندس)!، والغريب إن هذا البعض وأكثره يتصدر المشهد الوطني ويعتلي المنابر يوميا مستغلا أي مناسبة وطنية أو غيرها لرفع عقيرته في إعطاء عموم الشعب دروسا في الوطنية، تجده هو الأكثر فسادا واستغلالا للنفوذ – إن وجد- لمآربه الخاصة ، فالوطنية عنده ليست أكثر من عملة يقضي بها حاجياته أو تميمة تجلب له الحظ السعيد ليتسلق السلم قفزا نحو المراتب الأعلى،أو تعليب جيد لسلعة فاسدة، فتراه لا يحتمل نقاشا تتعدد فيه الآراء حول قضية ما يكون فيها رأي السلطة محسوما فيها لديه، ولا يقبل رأيا ولا رؤية لا تتفق مع رأي مسؤوله المباشر فكيف بمن هو أعلى من ذلك. يعمد الوطنوي غالبا الى مقاطعة حديثك ومصادرة رأيك، مستعملا نفس الحيلة، وسيلة عظيمة لغاية رخيصة، فيزايد عليك بالحديث عن الشهداء وضرورة الوفاء لهم وصون عهدهم ويذكرك بصعوبة المراحل الأولى للثورة وقلة الإمكانيات وكيف أن الإرادة والنية الصادقة صنعت المستحيل او قهرته، ويوهمك بان الحديث عن الفساد محض افتراء ولا دليل عليه و ان الغاية منه تشويه القيادة والمخلصين، وان أفحمته بالأدلة على وجود الفساد الفاقع وعلى قبلية المنهج المتبع الآن في تسيير الدولة ومؤسساتها، تملص منك بان الوقت غير سانح لهذا الترف، وان من يفتح هذه المواضيع ويطرقها الآن انما يقدم خدمة مجانية للعدو دون ان يدري . في سنوات ماضية أشهر الوطنويون تهمة خطيرة في وجه من يحمل رأيا مخالفا لآرائهم أو أراء أسيادهم وليس مخالفا لمصلحة الوطن، أشهروا "تهمة مندس"وكانت هذه الكلمة - التهمة- كفيلة برمي من وجهت له خلف الشمس، فتدمرت بسببها حياة اسر صحراوية، وأزهقت نفوسا بريئة، وتم طي الصفحة بكل بساطة وكان شيئا لم يكن، وظل الفاعلون يتصدرون المشهد في استفزاز دائم لمشاعر هذه العائلات وللصحراويين عامة، الآن تشهر هذه الفئة - نفس أشخاص الماضي، مع إضافة طبعة جديدة بحكم الزمن- تهمة جديدة اخف وطئا من السابقة وأكثر قبولا وانتشارا وهي تهمة المعارضة ، ليس لها رعب الأولى وإرهابها ولا تأثيرها المدمر، فهي لا تزهق روحا بالمعنى المادي – القتل – لكنها تزهقها معنويا وتحكم على المتهم بها بالإقصاء والتهميش. كلمة معارضة يستعملها الوطنويون القدامى والجدد، بنفس المعنى لكلمة مندس، فالمعارضة بداهة تكون في مجتمعات لها حياة سياسية تعددية، وبالتالي هي هناك ليست تهمة، لكن المجتمعات التي لا تتوفر على تعددية سياسية لسبب او لآخر - ليس هذا الموضوع الان- تكون الكلمة تهمة، وأجدد التأكيد على ان القوم يستعملونها بنفس معنى مندس وللغرض نفسه، ولولا الزمن ومتغيراته ، لواجه "المعارض" نفس مصير "المندس". ليست الوطنية شعارا،او صوتا جهيرا، او اتهامات للناس بالجملة مجانا، بل هي ارفع من هذا وأكثر قداسة ، فهي عمل دؤوب متفاني من اجل الوطن، هي البحث عن الحكمة ايا كان مصدرها واختيار الرأي الاصوب من بين اراء كلها صائبة دون التوقف عند شخصية صاحبه ، وهذه أشياء لا وجود لها عند الوطنويين، للكاتب الايرلندي الشهير اوسكار وايلد مقولة جميلة تختزل هذا المقال في جملة واحدة " الوطنية شريعة الفاسدين" طبعا وايلد يقصد المتجارة بالوطنية، واختباء الفاسد وراء الشعار .
|
التعليقات
لا تعليقات ... كن أول من يعلق
.... التعليقات لا تعبر بالضرورة عن رأي الصحيفة