ظهر هذا الشريف الكبير من قبيلة اهل مولاي الزين، بمنطقة لعصابة نهاية القرن العشرين حيث إزداد بكرو سنة 1952، وامه السيدة: ام فشة منت أحمدو ولد ايدا، وهي شخصية محترمة كريمة كبيرة جليلة، من قبيلة تجكانت، اولاد ابراهيم، وقد توفي والده وهو في طفولته، لم يتجاوز عمره 5 سنوات، وظهرت عليه الكثير من الكرامات، في طفولته متمثلة في كرمه وعطائه وإنفاقه من امواله التي ورثها عن والده، وقد درس على يد العالم المسومي الكبير والشهير، الحاج ولد فحفو، والذي زرته بمنطقة اتويمرات اشكوكة، والذي عمر لأكثر من 130 سنة، ورغم دخوله في شبه غيبوبة إلى ان لسانه يكرر لا اله الا الله. فسبحان الله، كما درس على محمد يحي ولد الشيخ الحسن ولد آدون ويطلق عليه يحيان، من تجكانت ارماظين. ولما تخرج مع الكثير من اقرانه التلاميذ الذين كانوا يدرسون معه، فقد تفرغ هذا الشريف للإنفاق في سبيل الله والصلح بين القبائل، حيث كان يعتبر كل القبائل قبيلته، في تكانت والحوض ولعصابة، سمعته عبرت الأفاق، فالكل يحترمه ويعزه ويستمع لما يقوله ويأمر به سواء من تجكانت او كنتة او ايداوعل، او اولاد الناصر او ايداوعيش، وإيديشلي وغيرهم كثيرون. ورغم صعوبة هذه القبائل والتعامل معها فقد كان هذا الشريف هو الإنسان الوحيد الذي يحترمونه ويثقون فيه، ومن افضل طرقه الذكية للمصالحة في النزاعات بين هذه القبائل، هو انه كان رضي الله عنه، يقوم بتزويج أبناء وبنات نفس العائلة المتنازعة وعلى حسابه مما يجعل العلاقة تصبح علاقة نسب وديمومة تتواصل سنوات بعد ذلك. كان شيوخ هذه القبائل العتيدة يسمحون له بكل ما يقوم به او يتصرف منه في املاكهم، ولا يناقشونه في ذلك، كان الشريف مضرب المثل في الإنفاق في سبيل الله، على الضعفاء والفقراء، كيث كانت سياراته تتنقل في مختلف ارض البيظان وخصوصا تكانت وادرار ولعصابة لتوزيع الحيوانات على العائلات الفقيرة، سواء لحم النحائر، او الشياه او البقر، ومن الميزات المعروفة عنه، هو انه لما يهديه احد الأغنياء الأموال او المواشي يوزعها على الفقراء والضعفاء من قبيلته كصدقة عنه يطهره بها، ويحول عبرها بينهم وبين البلاء... لعب دورا كبيرا في تأسيس عشرات المحاظر، وهي المدارس التقليدية التي تخرج منها العشرات، وكل شيء فيها على نفقته، الأساتذة او التلاميذ، فيما يتعلق بسكنهم ومأكلهم ومشربهم، واهم هذه المحاضر او المدارس التقليدية التي اسسها هذا الشريف على حسابه الخاص هي:
محظرة اكراف الخير جنوب تكانت.
محظرة اشكيك، كامور لعصابة.
محظرة إكافان، تكانت، على الطريق الرابط بين تجكجة وانبيكة.
محظرة خطْ ارَاسك، قرب انبيكة بتكانت.
محظرة اودي الطالب، جنوب ادرار على الطريق الرابط بين العين الصفراء والرشيد.
محظرة انوار، شمال تكانت.
محظرة الساهلة، قرب الغدية، بتكانت.
محظرة لكبور جنوب تيجكجة.
محظرة الدنكة، 50 كلم جنوب كيفة، بلعصابة.
محظرة وجهنة، شمال انبيكة.
محظرة أكليتت فنتي، قرب اشرم.
محظرة كندرا. لعصابة.
تزوج هذا الشريف من قريبته السيدة: اشريفة منت القاسم، ومنها انجب محمد الحضرامي، واخته فاطمة، من خيمة من اهل مولاي الزين، والحضرامي هو المسؤول عن محظرة اكراف الخير، التي كانت تعرف قبل استيطانه بها باكراف العطش، وكانت منطقة معطشة يهابها الجميع ويخافها، إلى أن إستوطن بها هذا الشريف، واسس بها الأبار والنخيل واصبحت منطقة عامرة مسكونة، وبدلوا إسمها من اكراف لعطش إلى اكراف الخير.
والزوجة الثانية هي من قبيلة تجكانت، اتشفغات، وإسمها: رقية من محمدو من الطلبة، وهي إمرأة فضيلة وكريمة وشخصية محترمة، أنجب معها ابناؤه: مولاي الزين، والقاسم، والمصطفى الملقب بياي وسيدي جعفر الذي توفي مراهقا، ولديه منها بنتين: أمينتو، الملقبة ناتة، واختها عائشة.
الثالثة، سلطانة منت الدادة، قريبته، ولديه منها بنت تحمل إسم امه: مريم ولقبها ام فشة.
الرابعة، عائشة منت حسني ولد محمد عبد الله، من قبيلة اولاد ابيري، اهل احمد الفالي، وله معها بنت اسمها خديجتو وتكنى بالديةُ...
وكرامات هذا الشريف هي اكثر من ان تعد او تحصى، ومن اشهرها زيارة الزين ولد زيدان له ، لما كان مترشحا، برفقة شيغالي ولد زين الدين. عندما قال له انت لن تفوز بالرئاسة، وكان الأمر كما وقع رغم ان حظوظه في الفوز كانت كبيرة...
وقصته مع كنكوصة، وهو حرطاني إسمه محمد البوبكر، ويلقبونه بكنكوصة، مر على قرية الشريف محمد الزين باكراف الخير، يسوق معه قطيعا من البقر مكلف بجلبه للسيد محمد لامين ولد خيدا مقابل ثمن متفق عليه، وبعد صلاة العصر وهو يتحضر للسفر نحو كيفة، جاء تلميذ وقال له قال لك محمد الزين انك تقدم عليه، والحرطاني لا يعرف الشريف ولم يسمع به، فقال هذا حد من البيظان الغالط يريدني ان احلب له ماشيته فلم يعره إهتماما وغادر المكان يسوق قطيعه، وهو راكب على فرس له، ولما غربت الشمس، إذا به امام قرية، قرر ان يقضي بها ليله، ولما تفطن إذا هو في نفس القرية التي غادرها عصرا وهذه اثار فرسه وقطيع البقر، فتاكد انه رجع لنفس المكان، ربط فرسه وجمع بقره وقرر المبيت قرب حيواناته، فجاءه نفس التلميذي السابق وقال له: قال لك رجل اسمه محمد الزين ان تقدم عليه، فنهض واقفا متوجها نحوه بحياء لأنه رفض دعوته السابقة، وبعد السلام حكى له قصته وانه يعمل مع محمد لامين ولد خيدا ليجلب له قطيعا من البقر، مقابل ثمن متفق عليه، فقال له الشريف اجلس تشرب الشاي وتتناول العشاء، قال له انا لا استطيع خوفا من ان يسري البقر واتكفل بجمعه ليلا. فرد عليه الشريف لا عليك قلت انا لك ان تجلس وتتعشى، جلس وتناول العشاء وقال له الشريف أدخل ذلك البيت لتنام فيه، فرد عليه لا، انا لابد لي ان انام قرب البقر خوفا من ان أفقده ليلا، فقال له لا عليك، والبقر لا يعنيك، توجه للبيت لتنام وتستريح، ففعل ما امره به ولما فاق فجرا نظر للبقر فإذا هو في مكانه والفرس في موقعها. بعد الشاي وتناول الفطور قال له الشريف، إركب في هذه السيارة وتوجه نحو كيفة، فقال له ان مستاجر لجلب البقر لصاحبها، فماذا سافعل معه، فرد عليه الشريف ذاك لا يعنيك، إركب مع هذه السيارة نحو كيفة، فركب في السيارة، ولما وصل كيفة، خاف من ان يلتقي بصاحب البقر لأنه لا يعرف ماذا سيقول له، وفجأة إذا هو بصاحب البقر أمامه، فقال له ذاك محمد البوبكر، قال له اللا هو واللا مان عارف، فرد عليه محمد لامين ولد خيدا صاحب البقر، خيرا إن شاء، مالخبر؟ واين البقر، فقال له ارسل لي الله رجلا اخذ مني البقر، فقال له الراجل من هوهذا؟ فقال له رجل إسمه محمد الزين ولد القاسم، فقال له لا عليك إنتهت مهمتك، تفضل معي للبيت لأسلمك ما تستحقه من مال على جلبك للبقر، اخذ الرجل ماله وتفطن لكرم الخالق وما زال يحكي قصته هذه مع شريف اكراف الخيرمحمد الزين ولد القاسم، فسبحان الله الذي يختص برحته من يشاء، فهو الواسع العليم... ومن ذالك الوقت لم يمر من ذلك المكان الا وقام بزيارته ولا يبعث له اينما كان إلا وقدم عليه... فسبحان الله. وبخلاصة فهذا الشريف وبشهادة الكثيرين هو عالم وولي صالح خصه الله بالكثير من الأسرار الربانية، وكرامات الأولياء رغم انه هو رضي الله عنه، لا يتظاهر باي شيء من هذا، فهو الرجل المتواضع المساعد للبشر كيفما كانوا حيث يساوي بين الجميع في عطاياه ومساعدته، وارسله الله رحمة للعباد ينفق في سبيل الله ويساعد عباد الله على العلم والتعلم عبر عشرات المدارس التقليدية، و لايقبل السكوت عن المعصية، اطال الله في عمره ونفع به مخلوقاته، فبعد زيارتي له، شعرت كأني اعرفه منذ زمن، وقد احببته في الله، وساحاول زيارته كلما سمحت لي الظروف عندما اتواجد بموريتانيا...
بقلم: المحجوب السالك ولد محمد ولد عياد.
ولد الطف من اقرب زملائه في الدراسة.
|
التعليقات
لا تعليقات ... كن أول من يعلق
.... التعليقات لا تعبر بالضرورة عن رأي الصحيفة