صدر منتصف هذه السنة في ببيروت كتاب هام للكاتب والصحفي الصحراوي الكبير: المحجوب السالك، حيث يعتبر اول كتاب حول مجتمع البيظان يكتبه واحد من هذا المجتمع بعدما كتب عنا الآخرون في غيابنا، ما شاءت لهم الكتابة... ويقول الكاتب في مقدمة الكتاب:
لقد تناولت في هذا الكتاب: السكان الأصليون والمرابطون، ثم الزوايا والهجرات العربية الأخرى، متناولا بعض القبائل كمثال. ثم حرب شربب بإعتبارها نقطة تحول بارزة في التاريخ الحديث لمجتمع البيظان، و تكوين الإمارات: امارة اترارزة، امارة لبراكنة، امارة تكانت، امارة اولاد امبارك امارة يحي بن عثمان بادرار وامارة واد نون... بعد ذلك تناولت هجرات بعض الأفراد الذين كانوا أجدادا لقبائل في مجتمع البيظان.. كما تناولت الأطماع الأجنبية في أرض البيظان، وبداية دخول الإستعمار الفرنسي، ثم حرب المقاومة من موت كبولاني، إلى سنة 1934م.. وبعد ذلك جيش التحرير، ثم ميلاد أول دولة في مجتمع البيظان (ج.إ.م). لأتناول بعد ذلك الكفاح الحديث لدولة البيظان الأخرى في الصحراء الغربية من أجل حريتها وأستقلالها، والذي ما زال متواصلا حتى اليوم... مع التركيز على المشاعل الأربعة البارزة في تاريخ مجتمع البيظان:
1) مشعل عبد الله بن ياسين، ونشر المذهب السني المالكي، وبناء إمبراطورية البيظان (المرابطون).
2) مشعل الإمام ناصر الدين، ومحاولة بناء دولة أجداده المرابطين، والأصابع الخفية للإستعمار الفرنسي في إفشال المحاولة، وإطفاء المشعل...
3) مشعل الشيخ ماء العينين، وبناء السمارة وإعلان الجهاد، في البداية ضد الإستعمار الفرنسي، وبعد ذلك ضد سلاطين الأسرة المالكة في المغرب، الذين تحالفوا مع المستعمر الفرنسي وسمحوا بدخوله لبلاد المسلمين، وتدخل القوات الفرنسية لإطفاء المشعل...
4) مشعل الولي مصطفى السيد، بإعلان الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، وتاسيس الدولة الثانية في مجتمع البيظان (الج. الع. الص. الد.)، والذي مازال مشتعلا حتى اليوم رغم محاولة فرنسا إطفاء المشعل عن طريق تدخل سلاحها الجوي بطائرات جاكوار الحديثة، وتدخل دبلوماسيتها حاليا للدفاع عن أطروحات النظام المغربي....
ويواصل الكاتب موضحا التعريف لمجتمع البيظان حيث كتب في مقدمة كتابه:
فمجتمع البيظان، الذي نحن بصدد هذه المقدمة عنه، هو تعريف للمجموعة البشرية التي تسكن غرب الصحراء الكبرى، وهي أمة عريقة الحضارة، متميزة بمعالم خاصة: من لغة ولسان وهندام ونظام حياة وثقافة وأخلاق واجتماعيات وعادات وتقاليد، مع اختلاف أصولهم العرقية: منهم ما يسمى بالحراطين أو الموالي والعبيد من اصل زنجي، ومنهم المجموعات البربرية الصنهاجية من بقايا المرابطين. ومنهم قبائل العرب المعروفة (بني معقل ) وقبائل الشرفاء المنتسبون إلى فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فانصهر الكل في بوتقة الحضارة العربية الإسلامية مكونا أمة البيظان التي تميزهم عن الأمم البربرية والزنجية الإسلامية الأخرى في الشمال والشرق والجنوب...
تكونت هذه الأمة بحكم روابط الدين واللغة والنظام الاجتماعي والشعور الوجداني والذوق الفني والعادات والتقاليد في الملبس والمأكل والمشرب. ومدلول البيظان على هذا الأساس، ليس على أساس اللون، بل يطلق على الناطقين باللهجة الحسانية من واد نون شمالا إلى نهر السنغال جنوبا ومن تنزروفت وتمبكتو شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا، بغض النظر عن لونهم وأصولهم العرقية. وهذه هي ارض البيظان تاريخيا لأنها هي منطقة رعيهم وترحالهم وراء مواشيهم بحثا عن الماء والكلأ، وفي كل جزء منها هناك شهيد منهم ودماء سالت دفاعا عنها في مواجهة الاستعمار...
كما اضاف الكاتب في خاتمة مقدمته: إن الحياة البدوية القاسية رسخت في أذهان مجتمع البيظان الولاء للعائلة والقبيلة والاعتزاز بالحسب والنسب تماما ومن دون مبالغة، مثل العرب في الجاهلية. ويدل عليهم تماما ما جاء في مقدمة ابن خلدون حول تحديد ملامح الشخصية البدوية:
1) البدوي يعتز بالقبيلة مهما تكن مكانتها في السلم الإجتماعي.
2) البدوي استقلالي بطبعه ويحب الحرية.
3) البدوي عاطفي بطبعه ويتأثر بالعلاقات الشخصية المظهرية.
4) يقدر الكلمة ويغره سحرها.
5) البدوي يحترم القوة والشجاعة.
6) البدوي يحتقر العمل اليدوي.
7) البدوي غيبي ويؤمن بالغيبيات إيمانا مطلقا.
والكتاب يتكون من جزئين، الجزء الأول حول الأصول وقبائل مجتمع البيظان، والعادات والتقاليد وحرب المقاومة ضد المستعمر الفرنسي، وفي الجزء الثاني تناول الأوضاع السياسية بالمنطقة من جيش التحرير حتى المؤتمر الأخير لقيادة البوليساريو باتفاريتي، متناولا حقائق واسرارا تذاع لأول مرة عن هذه الفترة التاريخية الحاسمة من تاريخ مجتمع البيظان، وقدم بالاسماء والأرقام معلومات عن جرائم المغاربة وقيادة البوليساريو ضد الشعب الصحراوي والمنطقة يندى لها الجبين، وهذا هو ما جعله يزعج دول المنطقة بخصوص اسرار النزاع في الصحراء الغربية.... وهو في الحقيقة كتاب لا غنى لكل مهتم بمنطقة شمال غرب افريقيا عن قراءته....
وقد توصلت صفحة الأمل الصحراوي باحقية إحتكار نشر هذا الكتاب في حلقات اسبوعية من اجل تعميم الفائدة ومعرفة حقيقة النزاع بالصحراء الغربية الذي دام اكثر من اللازم....
وقد سمحت لنا جريدة الأمل الصحراوي، بنشر هذه الحلقات نقلا عنهم، ونشكرهم على ذلك المجهود الممتاز...
الحلقة الثانية. لقراءتها الرجاء الضغط هنا
|
التعليقات
لا تعليقات ... كن أول من يعلق
.... التعليقات لا تعبر بالضرورة عن رأي الصحيفة