بمناسبة الذكرى الاربعين للوحدة الوطنية، التي وحدت هذا الشعب بكل مكوناته، من اجل الدفاع عن الوطن خلال لقاء عين بن تيلي التاريخي، تحت شعار من يمس من استقلالنا يذبح شعبنا بالدافر، نترحم على روح مؤسسها الشهيد الولي، وكل شهدائنا الأبرار، قائلين للقيادة الحالية ان الوحدة الوطنية، ليست هي المؤتمرات المسرحية، والزغاريد والإحتفالات.
فالوحدة الوطنية لا يمكن أن تختزل في مهرجانات صاخبة، خطب حماسية ركيكة، و قصائد أو "طلع" عصماء تمجد الماضي التليد و تتجاهل أو تحرف واقع الحاضر المأساوي... تتغنى بأبطال انتفاضة الاستقلال، لكنها تغض الطرف عن الأخطاء الفادحة والهفوات القاتلة التي ترتكبها قيادتنا الرشيدة، كما لا يمكن ان تختزل في احتفالات كرنفالية ومهرجان تهريج، سموه مهرجان ثقافي، واستعراضات فولكلورية تختصر ثقافة شعب عريق في الملابس و الأواني التقليدية، او صناعة تقليدية تم شراؤها من وهران بقرابة مليار جزائري، أو في استعراضات عسكرية ثابتة أو متحركة، لمقاتلين بوجوه شاحبة أنهكهم انتظار المجهول القادم من وراء أكمة المخطط الأممي للسلام والمفاوضات العقيمة...
بعد 40 سنة من اعلان عين بنتيلي، يتوقف الضمير الجمعي الصحراوي لاستحضار الحدث وتقييم المسار بعد سنوات من نعيم الوحدة الوطنية، وخلف الاهازيج والمهرجانات المحلية تحضر بصمة النظام وتغيب صرخة جل المناضلين . أين نحن من يوم الوحدة الوطنية الآن؟ وفي ظل هذه الظروف بعيدا عن لغة الخشب وسياسة النعام وإلهاء الشعب في مسرحيات المهرجانات والمؤتمرات، بينما يعلوا الاستهتار بالمكتسبات مع شمس كل صباح، حيث تذبح القيادة وحدة كل الصحراويين على قربان الثروة و"الترقاع" والمحسوبية، ومراسيم كسب رضى هذه القبيلة او تلك في انتظار استحقاق جديد يسمونه مؤتمر شعبي عام . ويسميه الشعب مسرحية القيادة...
الوحدة الوطنية هي شعب موحد ومجتمع متماسك تتآزر وتتضامن جميع مكوناته، لا مجتمعا هشا تنعدم فيه الثقة، يزداد الشرخ العميق، و تتسع الهوة بين اغنيائه من القيادة و فقرائه من المواطنين يوما بعد يوم. الوحدة الوطنية تعني في الوقت الراهن تحصين الجبهة الداخلية بفتح حوار جاد مع كافة التوجهات والأراء، و إيجاد مقاربة سياسية تشاركية يلتف حولها الجميع، وتخرج القضية من عنق الزجاجة، وتعيد أمل اجتياز نفق الجمود المظلم، كما تعني إيجاد نظام حكم تشاوري، لا ينفرد رأسه باتخاذ القرارات، و لا يتلقى الإملاءات من الخارج. اما في الداخل فيشرك جميع الآراء دون ان يحابي أحدا، يمتثل لدعوات الحوار الوطني والإصلاح والتغيير، و يضع الشخص المناسب في المكان المناسب، لا ان يشكل لجنة تحضيرية مهزلة لمؤتمر مسرحية لن يغير من الواقع المؤلم شيئا، بل يزيده إيلاما...
قبل اربعين سنة ترك الصحراويون وراء ظهورهم بعبع القبيلة قبل ان تخرجه القيادة من تحت رمال لحمادة كي تغطي به عوراتها وتضمن بشعاره البقاء للدم المناسب في المكان المناسب، واليوم تحاول القيادة التظاهر بالدفاع عن الوحدة الوطنية بعدما دمرتها بسياستها القبلية التي كانت كارثية على وحدة الشعب والقضية.
والغريب ان من يرفعون شعار الدفاع عن الوحدة الوطنية، ويتراسون الإحتفالات بذكراها الأربعين. هم اكبر القبليين الذين يستثمرون القبلية لضمان مناصبهم السياسية. اما كبيرهم في الرابوني فقد بنى نظامه على اساس التوازنات القبلية واتخذ من المجلس الاستشاري صمام امان لنظامه الفاسد بعد ان احال الشهيد الولي ورفاقه هذا المجلس الى ارشيف التاريخ.
الوحدة الوطنية تعني ايضا، إيجاد مقاربة حقوقية للنهوض بمستوى ثقافة حقوق الإنسان في المخيمات، والعمل على معالجة موضوع الانتهاكات الجسيمة التي تعرض لها العديد من المناضلين الصحراويين في سنوات القبضة الحديدية الأمنية للنظام، منهم من قضى نحبه شهيدا في المعتقلات السرية و منهم من لازال ينتظر حقه في جبر الضرر المعنوي والمادي، وهو ما لن يتأتى الا باعتراف واعتذار رسميين ومحاسبة للمسئولين عن تلك التجاوزات أو على الأقل إقالتهم من المناصب السامية التي يتقلدونها، وتفاهم مع الضحايا و أسرهم حول شكل التعويض المالي الذي يستحقونه... ان الوحدة الوطنية الصحراوية هي عمل ثوري بكل المقاييس، هي صرخة قوية في وديان وجبال الساقية والوادي، هي ثورة في قلب الوطن المهدد انذاك بالتقسيم هدفها قطع الطريق أمام الأطماع الأجنبية من جهة و نشر المحبة والألفة و التضامن بين أبناء الشعب الواحد ونبذ العنف والشقاق والخلاف وهو ما تجلى بالملموس حيث جلس الشيوخ أعضاء الجماعة الى جانب الشبان الثائرين لدفع الأذى عن الوطن و حماية البناء الداخلي والنسيج الاجتماعي ممن يحاولون هدمه أو اعاقته وهم كثيرون خارج الحدود و ربما داخلها؟.
هذه هي الوحدة الوطنية الحقيقية فمن يعطيها حقها في ذكراها الأربعين...؟؟
السؤال الآن اين الوحدة الوطنية من ممارسات القيادة؟، وهل تنفع الاهازيج وسياسة الاستهتار بعقول المواطنين في اعادة قاطرة الوحدة الوطنية الى سابق عهدها؟. فالفرق كبير بين الشعارات في الإحتفالات والمهرجانات، والممارسة على ارض الواقع..
المجد للشهداء والشفاء للجرحى والحرية للأسرى ، والهزيمة للأعداء، والفضيحة للقيادة. وإننا حتماً لمنتصرون...
بطل واحد هو الشعب، وزعيم واحد هو الشهيد.
الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، خط الشهيد.
|
التعليقات
لا تعليقات ... كن أول من يعلق
.... التعليقات لا تعبر بالضرورة عن رأي الصحيفة