بقلم : عبد الحي لمام جولي
مما لا شك فيه أن الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب هي الإطار السياسي الجامع لكل الصحراويين والممثل الشرعي والوحيد لهم بمختلف توجهاتهم ومشاربهم وأنها الحاضن الأساسي لتطلعاتهم في الحرية والاستقلال أين ما كانوا وحيث ما وجدوا, فهي التي رفعت المشعل بعد الحركة الوطنية لتحرير الصحراء الغربية( 17يونيو 1970) معلنة في العشرين من ماي 1973 الكفاح المسلح من اجل تحرير الوطن والإنسان ضد المستعمر الاسباني لتستمر بعد طرده ضد المحتلين الجدد فكانت القوة واليد الضاربة للشعب الصحراوي وبفضل جيشها وقناعة شعبها ومثالية وذكاء قائدها الشهيد الولي مصطفى السيد قطعت الجبهة مراحل صعبة في فترة وجيزة وحققت انتصارات ماكانت لتحققها لولا ذكائه ومثاليته وشجاعة أبنائها فاستشهد القائد البطل لكن استشهاده لم يؤثر بقدر ما أصبح قوة دفع لمناضلي الجبهة ومثالا يقتدى به وكذا بفضل مؤازرة الحلفاء آنذاك وعلى رأسهم الجزائر ممثلة في شخص المرحوم القائد الشهيد هواري بومدين عندما قال في كلمته “إذا كان الولي قد استشهد فالشعب الصحراوي كله ولي” واستمرت المسيرة بقيادة لم تكن معروفة وجديدة على اغلب المجتمع تحت قيادة محمد عبد العزيز وذلك بعد المؤتمر الثالث سنة 1976 وبعد عامين خرجت موريتانيا من الحرب لتوقع بعد ذلك اتفاق سلام بدون مظلة الأمم المتحدة أو الوحدة الإفريقية وكان بحضور الجزائر فقط واحتل الغزو المغربي الجزء الذي كان عند موريتانيا او أغلبيته واستمرت الحرب والنضال والمسيرة ووقعت بعض التجاوزات من طرف القيادة التي كانت شابة آنذاك خاصة أواخر السبعينات وبداية الثمانينات بما فيها السجون الظالمة والتصفيات الجائرة مما أوقع خلافات بين القيادة نفسها ووصل التذمر الى تعبئة قبلية كبيرة داخل الشعب فظن بعض المجتمع بأنها ثورة ضد الظلم والقتل لكنها لم تكن كذالك وهذا ما عرف بأحداث 1988 فاستقال فريق الأزمة ثم انحلت المشكلة فعاد الفريق لباقي المجموعة بعدها وزعت الأدوار وظهر كل شيء على حقيقته فالأحداث لم تكن إلا انقلاب على مبادئ ثورة العشرين ماي ليصبح بعد 1991 الحكم حكم فردي شمولي وضعت فيه الصلاحيات كلها بيد الرئيس شريطة إن تبقى الكلمة العليا للانقلابيين وأن ينزع مبدأ المحاسبة والمساءلة فيبقى التسيب هو السمة الجديدة للنظام وأن يبقى الرئيس هو المدافع الأساسي عن كل مسئول أو وزير أراد من أراد محاسبته أو وقفه دون أن يفعل ما يريد متخذا من صلاحياته الدستورية والقانونية عصا للدفاع عنهم فقط فكان الرئيس شخصيا حجرة عثرة أساسية دون محاسبة الانتهازيين والمقصرين في أداء مهامهم .
تجلى ذلك مرات عديدة في عدم تركه لجنة المحاسبة لتحاسب وزراء ومدراء اخلوا بواجبهم أو اختلسوا أموالا وإمكانيات عامة مع احتفاظه وتمسكه بهؤلاء وهذه الصفات هي الصفات المشتركة التي يتصف فيها جل فريقه الحكومي وإن كانت هناك استثناءات فهي قليلة جدا وما دورهم في تندوف وأسفارهم الى أوروبا وكذلك استثماراتهم في موريتانيا ومؤسساتهم التجارية وحساباتهم البنكية إلا دليل على ذلك وهذا بمباركة من قائدهم وكأنه يقول لهم هكذا أريدكم فازدادوا فسادا وتطاولا فأصبح كل منهم يفرق بين أفراد الشعب ويملك مؤسسات بكاملها لعائلته أوعشيرته أو قبيلته مما اوجد جوا من عدم الثقة لدى المجتمع ونشر روح الو لاءات والزبونية والتمصلح وكأننا لم نعد الشعب الذي لا زال يبحث عن حريته واستقلاله بل إننا تركنا المشروع الوطني وذلك يتجلى في التأجيلات المتتالية والزيادات بالسنين تلو الأخرى من طرف الأمم المتحدة حتى بلغنا ربع القرن وكأننا نحن من طالب بوقف إطلاق النار اصلا دون ان نفعل شيء كل هذه المدة إننا كمجتمع صحراوي نلقي باللوم التام على رأس النظام كونه المخول قانونيا ودستوريا عن كل كبيرة وصغيرة مما يجعله:
1- كونه المسئول عن تعيين من يريد في الحكومة أو الوزارات.
2- كونه المسئول الأول عن جميع الإمكانيات المادية فليس هناك خزينة عامة بل هو الخزينة وهو من يعرف وحده أموال الحركة أو الدولة.
3- كونه وحده من احتكر معلومات التفاوض مع العدو وكأنها ملكه الشخصي.
4- هو المسئول الأول والأخير عن قوة الجيش وجاهزيته وعن تقوية إطاراته ولم يفعل.
5-هو المسئول الأول عن العناية بضحايا الحرب وأبناء الشهداء وعائلاتهم ولم يفعل.
6- هو من احتكر لنفسه الاتصال بالأصدقاء والأشقاء دون غيره وتركهم في زاوية ميتة.
7- هو من تدخل للبرلمان ومنعهم من محاسبة الحكومة وحجب الثقة عنها.
8- هو من لم يجد حلا لمعضلة تشغيل الشباب مما شجعهم على الفرار الى العدو المغربي والإرهاب وممارسة التهريب.
9- رأس النظام هو من رسخ القبلية في تعييناته التي نراها بعد كل شغور وفي تعييناته الأخرى وأخر أمثالها تبديله لقائد الناحية الأولى بأخر من نفس العائلة وقبلها كثيرون.
10 – هو من عين أشخاص على مؤسسات وتركهم يعبثون بها كأنها أملاك لهم دون حسيب أو رقيب.
11 – هو من قال بأننا لا نعرف الى اين ذاهبون؟ ، وهو من هدد وتوعد للعدو بالحرب مرات عديدة ولم يفي بوعده رغم ان طبيعة جيشنا كان اذا وعد العدو بعمل عسكري اوفى بوعده .
12- هو من حمى المجرمين بعدم تركه وفريقه المحاكم لتلعب دورها في فض النزاعات والصراعات.
13- رأس النظام هو من يضع نفسه فوق القانون والدستور وقد قال ذات مرة من يريد محاسبة الحكومة على أفعالها وفسادها فليحاسبني إنا.
14- هو من يتخذ من سياسة الولاء وسيلة وحيدة لتعييناته أما من يختلف عنهم ولو بعين إبرة فلا مكان له في النظام وحكمه الوحيد يا في يدي أو لا تكون.
15- هو المسئول عن تراجع الانتفاضة داخل المناطق المحتلة بسبب أملاءاته وتدخلاته هو و حكومتــــــــه الخاطئة وعدم اهتمامه بشؤون المعتقلين داخل السجون المغربية وعائلاتهم بعدهم.
16-هو المسئول عن تراجع الكثير من المنظمات الداعمة بسبب دفاعه عن وزرائه المتورطين في عمليات اختلاس الأموال من تلك المنظمات دون مراعاة المصلحة العامة .
17- هو من أطلق العنان لعائلته وأقاربه ليعبثوا في الممتلكات العامة فباعوا واختلسوا منها ما يريدون دون حساب أو عقاب .
18- رأس النظام هو المتمسك بهذه المجموعة القليلة التي أضعفت ثقة المواطن فيها نتيجة أخطاءها المكشوفة والفاضحة مما ولد فكرة التجديد او حتى التعددية الحزبية لدى البعض.
19- رأس النظام هو من يدعي انه موجود برغبة جزائرية وان الحليف لا يريد غيره مما اوجد رايا أن الجزائر تفضل بعض الصحراويين على البعض الأخر وهذه دعايته هو و مجموعته الانتهازية فيما يحترمه الشعب لانهم كانو يقولون أن الولي مصطفى أوصى عليه خليفة له وهي دعاية ليست صحيحة.
20- هو من برر فتح حصار ألزاك ولمسيد ووقف إطلاق النار بأنها جميعا طلبات وضغوط من الحليف وإنها استجابة لهذه المطالب.
الخلاصة:
هذه النقاط ليست إلا بعض الأخطاء التي يتخبط فيها رأس هذا النظام الذي يعد اقدم رئيس في العالم، التي أدت الى كثير من عدم الانسجام والفرقة داخله وانعكاسها داخل كل مؤسسة من مؤسسات الدولة مما افقد المؤسسات دورها وأصبح الارتباط به شخصيا بكل كبيرة وصغيرة، ليتضح لفريقه الحاكم معه جميع نقاط ضعفه فأصبحوا يضغطون عليه بها وهو أيضا ترك لهم المجال حتى يجد لكل واحد منهم على حده نقاط ضعف مماثلة ليضغط عليه بها فأصبح المجتمع الصحراوي يقاد من نقاط ضعف الى أخرى وهذا هو السبب، فلا احد يعرف شيء عن السفينة هل ما يظهر منها اكبر مما يوجد تحت سطح البحر أم العكس ، لكن المؤكد ان العدو لن يجد من يخدمه اكثر منهم في هذا المجتمع نتيجة لضعفهم وقصر نظرهم او لاشياء اخرى غامضة لا نعرفها ، والحقيقة أننا مجتمع يستحق الأفضل فلا يمكن الاستمرار بمجموعة كهذه.
ملاحظات من الواقع المعاش:
يتسم الواقع العام حاليا بنوع من التسيب وهو يزداد اضطراريا وذلك لعدم وجود عدالة وسلطة نزيهة ومقنعة فقد أطغى عدم الثقة على كل أوجه الحياة مما فتح المجال أمام ظهور مظاهر جديدة ودخيلة على المجتمع كالتهريب والسرقة وظهور الجريمة المنظمة من مخدرات وتطرف ويرجع ذلك الى الأخطاء التي تقع وتتكرر في تسير الشأن العام وخاصة بعد وقف إطلاق النار فكلما وقفت القوة الأمنية في وجه هذه الظواهر وألقت القبض على شخص مجرم أو عصابة أو مهرب أوغيره يتم إطلاق سراحه من طرف احد أفراد السلطة ولو بأمر رئاسي مما أصاب الجهات الأمنية والقضائية بالضعف والملل رغم أن المجتمع ذو نزعة غير إجرامية ومسالمة . لكن بتصرفات هذه المجموعة الحاكمة ومحيطها من تلاعب وبذخ بالأموال العامة وعبث بإمكانيات الدولة وعلى مرئ الجميع وفي واضح النهار, لتصبح هذه التصرفات عامل تحريض لبعض الفئات الشابة و ضعفاء العقول لينتهجوا نفس النهج من سرقة وتلاعب بالإمكانيات أو البحث بطرق أخرى غير شرعية لاكتساب الأرزاق بواسطة التهريب او حتى المتاجرة بالمخدرات والذهاب الى أماكن ومواقع من المفترض أن تكون أماكن عسكرية مغلفة لكن التسيب شملها أيضا حتى أنها أصبحت سوقا مفتوحا ليلا نهار لتهريب المخدرات وتمريرها بل إن بعض القيادة لهم ضلع في هذا ، ونتيجة لكل هذا الوضع وغيره من الأسباب التي لا يتسع المقام للحديث عنها فإننا نعتبر هذا الفريق منتهي الصلاحية ولم يعد محلا للثقة لقيادة شعبنا للاستقلال ، راجين من كل من لديه مبادرة أن يمد يد العون لاستعادة الثورة من خاطفيها وإعادتها الى مبادئها التي كانت العصام الرابط بين كل الصحراويين فتزول الفرقة والزبونية ويقضى على الانتهازية والانتهازيين وبذلك نعود الى خط الشهداء لنفي لهم بما عاهدناهم به وهو تحقيق كل الوطن أوالشهادة على نهجهم.
إن ما شاهدناه منذ تكوين لجنة التفكير حتى الآن جعلنا نتأكد من استماتة هذه المجموعة من أجل السلطة وإنها مستعدة أن تضحي حتى بالمشروع الوطني في سبيل ذلك فقد رفضت ما قدمته لجنة التفكير جملة وتفصيلا رغم عدم احتواء تقريرها على كل مطالب الشعب في التغيير ثم تم الإعلان عن اللجنة التحضيرية للمؤتمر فهي تسير وتسير حتى تأتي وفق رغبة الحكام ومطامحهم وعليه لن يكون المؤتمر مؤتمر شعبي عام بل انه مؤتمر لتشريع أنفسهم للمرة الرابعة عشر مما ولد عزوفا عاما الآن وتذمرا وعدم رغبة في المشاركة فيه وذلك لتسليم المواطنين بأنه لا جديد رغم عدم رضاهم عن هذا الواقع بل إن مجموعات منهم أصبحت تفكر بالنزوح الى المناطق المحررة وإعلان ذلك جهرا للمنظمات الإنسانية والدولية وعليه فإننا ننبه بخطورة الوضع إن استمروا في عزمهم في ردع إرادة الشعب لتغيير الواقع الرديء .
فهذا المؤتمر يجب أن يكون حاسما وفاصلا مع فترة حكم ربع قرن من الفساد الذي لم نكن نظن إننا سنقبله يوما وعليهم أن يدركوا بأننا لن نقبله بعد الآن حتى وان اقروه وقد اعذر من أنذ ر.
نحن كمجتمع صحراوي علي يقين تام إننا إن شاء الله وبتعاوننا مع الحليف قادرين على تحقيق كل ما نصبوا إليه من أهداف فما علينا الى التحلي بالأمانة والصبر والعدل وبالصدق وان نبتعد عن المديح والأكاذيب التي لا أساس لها وليست إلا خداعا للنفس والصديق .
|
التعليقات
لا تعليقات ... كن أول من يعلق
.... التعليقات لا تعبر بالضرورة عن رأي الصحيفة