كلما قدمت المعارضة المعروفة بجبهة البوليساريو خط الشهيد، فضائح وجرائم لهذه القيادة الفاسدة وزعيمها اقدم رئيس في العالم، الا واعتبر ذلك خدمة للعدو ولوسائله الاعلامية، ولكن الحقيقة اليوم جاءت عن الإتحاد الأوروبي: حيث نزل خبر الاعلان عن التقرير الذي اصدره مكتب محاربة الاحتيال في الاتحاد الاوروبي كالصاعقة على النظام الصحراوي، الذي ظل لسنوات يوزع تهم الخيانة والعمالة على كل من يتجرأ على إثارة قضايا الفساد المستفحلة في مؤسسات النظام الصحراوي. الا ان التقرير الاخير للاتحاد الاوروبي وهو هيئة دولية محايدة، والاعلان عن هذا التقرير بوكالة الانباء الفرنسية المعروفة بمصداقيتها، وضع النظام الصحراوي في حرج شديد.
الكثير من الاسئلة تفرض نفسها بعد إثارة هذا التقرير : هل سيقوم النظام بإقالة المتورطين في هذه الكارثة التي مست سمعة الشعب الصحراوي؟ ام ان رأس النظام سيتستر كعادته باعتباره كبيرهم الذي علمهم السحر، على هذه الفضيحة في اطار المخاوف من اي رد فعل قبلي ممن ستتم إقالتهم من مناصبهم؟.
هل يمكن لمنظمة مثل الاتحاد الاوروبي ان تصدر تقريرا يتضمن معلومات دقيقة، بالسماء والأرقام، عن حالات اختلاس في المساعدات الانسانية الموجهة للاجئين الصحراويين دون الاعتماد على متعاونين من داخل النظام وتحديدا من فئة “الصفاكة”، وهي الفئة المستعدة لبيع النظام والقضية من اجل مصالحها الضيقة؟.
ورغم الأضرار التي سيجلبها هذا التقرير لمواطنينا الأبرياء في المخيمات، لكن لا يجب ان نتخذ من هذه القضية مبررا للتستر على المحتالين الذين وصلت فضائحهم الى الاتحاد الاوروبي. فهذه الفضيحة اثارتها مؤسسة دولية معروفة بحيادها ونزاهتها، وليس معارضو خط الشهيد، وهو ما يعني ان ردود الطرف الصحراوي لا تخرج عن اطار تكذيب الحقائق ومحاولة خلط الاوراق واللعب بعقول البسطاء من المواطنين الابرياء عن طريق لغة الخشب التي اكل عليها الدهر وشرب..
رئيس الهلال الأحمر الصحراوي بوحبيني يحي بوحبيني وفي اتصال هاتفي لوكالة الأنباء الجزائرية قال أن “الهدف من إعادة إثارة هذا التقرير الذي لا علاقة له مع الواقع ميدانيا ” هو صرف المانحين عن تقديم مساعداتهم للاجئين الصحراويين و تأزيم الوضع الإنساني بمخيمات اللاجئين الصحراويين”.
وذكر السيد بوحبيني بأن المعلومات المتوفرة لدى الهلال الأحمر الصحراوي تشير إلى “تصرفات أشخاص يعملون لصالح المغرب، حيث لم يسبق للإتحاد الأوروبي وأن أشار إلى وجود تحويل مساعدات إنسانية عن وجهتها بمخيمات اللاجئين الصحراويين” ، داعيا المجموعة الدولية الى عدم “الوقوع في فخ التلاعبات وسوء النية”.
رد بوحبيني يذكرنا بلغة الخشب التي كانت سائدة في السنوات الغابرة عندما كان النظام الصحراوي يبرر أي خطأ من أخطائه الكارثية بعقلية المؤامرة الهادفة الى المساس بالقضية الوطنية، ووجدت قيادة البوليساريو في القضية الصحراوية الدرع الواقي الذي يمكنها من تبرير كافة اخطائها الكارثية في السياستين الداخلية والخارجية، فجرائم الحرب التي راح ضحيتها اكثر من 65 بريء في سجون القيادة الرهيبة، تم تبريرها بأنها محاولة لتحصين الثورة الصحراوية من الاخطار الخارجية ، لكن ما تجاهله بوحبيني ومن ورائه قيادة الرابوني ان عالم اليوم يختلف عن عالم القرن الماضي، والمواطن الصحراوي لم يعد ذلك المواطن الذي ينفذ الاوامر القيادية بشكل اعمى، بعد ان اصبح له رأيه الخاص مما يجري حوله من احداث دون الحاجة الى إملاءات وتحليلات القيادة.
فالتقرير الاخير صادر عن منظمة دولية هي الاتحاد الاوروبي المعروف بنزاهته وحياديته، وتم بث الخبر بوكالة الانباء الفرنسية التي قالت انها تحتفظ بنسخة من التقرير، ولا يستطيع احد ان يشكك في مصداقية وكالة الانباء الفرنسية، كما ان خبر التقرير تم نشره في عز الازمة الاعلامية والدبلوماسية والقضائية بين الرباط وباريس، وهو ما يعني ان هاجس المؤامرة بعيد عن المنطق.
ولكن بعيدا عن ثقافة المؤامرة يعرف المواطن الصحراوي البسيط قبل القيادي بمخيمات اللاجئين الصحراويين ان ما ذكره التقرير هو الواقع الذي يعيشه المواطن منذ سنوات، او ليس الشعب هو من يسمي قيادة الفساد، باسراريك الربوني، فرئيس الهلال الاحمر الصحراوي بوحبيني يحي بوحبيني الذي اعلن لوكالة الانباء الجزائرية عن تفنيده للخبر يعرف قبل غيره ان هناك ادارة خاصة تسمى ادارة “المطالب” بمؤسسة الهلال الاحمر الصحراوي، وهي الادارة التي تعمل خارج رقابة الهيئات الدولية. ويعرف بوحبيني ان المطالب التي تحمل توقيع الرئاسة يتم صرفها وبشكل مستعجل من المساعدات الانسانية الموجهة للاجئين، بهدف تحقيق مكاسب سياسية للرئيس الصحراوي الذي مكنته سياسة المطالب من التحكم في شيوخ القبائل ومن خلالهم استطاع السيطرة على المشهد السياسي، ناهيك عن سيطرته على بيت مال البوليساريو عن طريق مديرية المالية بالجزائر، او ليس من الفضيحة ان الرجل الوحيد الذي يعرف ميزانية البوليساريو هو الرئيس وحرمه... لكن الرئيس لم يضع في الحسبان ان بعض اتباعه سيعطي معلومات في غاية الحساسية الى منظمة دولية محايدة هي الاتحاد الاوروبي لتقوم وكالة انباء معروفة بالمصداقية بنشرها، مما وضع النظام الصحراوي في موقف لا يحسد عليه. فرئيسنا اصبح في نظر الاخرين بمثابة زعيم لمجموعة من المحتالين وبشهادة الاتحاد الاوروبي. اما المعارضة فقد قالت فقط انه زعيم عصابة من الفاسدين، والكارثة ان الاحتيال يمارسونه على شعبهم وليس على الغرباء. هذا الشعب المسكين والصبور الذي اصبحت مساعداته، التي تجلب باسمه، توزع حتى على الخونة واعداء الشعب الصحراوي... ومما ذكره التقرير الاوروبي الاخير هو ان مركب الدواجن بـ “النخيلة” يتم تمويله من المساعدات الإنسانية بينما يعرف بوحبيني قبل غيره ان القيادة الصحراوية تبيع انتاج هذا المركب في الاسواق الجزائرية رغم ان الاولى به هو المواطن الصحراوي البسيط الذي يشتري مادتي البيض ولحوم الدواجن من سوق مدينة تندوف الجزائري بأسعار باهظة مقارنة بدخله المعدوم.
رئيس الهلال الاحمر الصحراوي ارتكز في رده على التقرير الاوروبي على ثلاث عمليات تدقيق أوكلت إلى شركات خارجية و تم القيام بها مع جميع الأطراف المعنية و المتمثلة في برنامج التغذية العالمي و المفوضية السامية لشؤون اللاجئين و المنظمات غير الحكومية، ولكن العارفين بخفايا هذه المنظمات التي ذكرها بوحبيني يعرفون قبل غيرهم ان هذه المنظمات هي عبارة عن مجموعة من المستثمرين الباحثين عن الربح السريع على حساب معاناة الابرياء بمخيمات اللاجئين الصحراويين، وهو ما يجعل منهم اشخاص غير مؤهلين للقيام بعمليات مراقبة، اضافة الى الروابط الشخصية التي تربطهم برئيس الهلال الاحمر الصحراوي، وهي علاقات مشبوهة دفعت ببعض منتسبي هذه المنظمات الى استشارة رئيس الهلال الصحراوي في قضايا تهم طبيعة نشاطهم بمخيمات اللاجئين مثلما كان عليه الحال مع المسؤولة السابقة عن مكتب منظمة غوث اللاجئين بالرابوني. بل الكثير منهم يتلقى لهدايا من طرف القيادة كرشاوي...
ان التقرير الاخير لمكتب محاربة الاحتيال في الاتحاد الاوروبي هو اشارة تحذير للنظام الصحراوي وعلى رأسه رئيس الكتابة العامة ولرؤساء البنوك المعتمدة بالرابوني كالهلال والتعاون والتجهيز، مفادها ان الهيئات الدولية قادرة على انصاف المواطن الصحراوي البسيط الذي تحتقره القيادة، منذ اربعة قرون، وتتاجر بمساعداته ومعاناته، دون ان يستطيع الرد عليها مخافة اتهامه بالخيانة والعمالة، وهي تهمة جاهزة لدى القيادة وكان أخر استخدام لها هو اتهام وزير الدفاع لأحد نواب البرلمان بالخيانة بسبب معارضته لبعض السياسات الحكومية.
لطالما انتقدت القيادة الصحراوية معارضيها بان الانتقاد ونشر فضائحها، يعطي فرصة للعدو. وبأن الانتقادات تتحول الى مادة دسمة للدعاية الاعلامية المغربية. ونحمد الله ان هذا التقرير لم يصدر عن المعارضة الصحراوية المستقلة وإلا لاتهم اصحابها بالعمالة وإعطاء فرصة للعدو وهي التهمة الجاهزة لدى نظام الرابوني. لكن ما تجاهلته القيادة “المحتالة” هو ان اكبر من يعطي فرصة للعدو هذه الايام هو النظام الصحراوي الذي تحولت فضائحه، التي اصبحت تزكم الأنوف، الى مادة دسمة للمنابر الاعلامية المغربية والعالمية “فضايح في العالم شاعو”.
|
التعليقات
لا تعليقات ... كن أول من يعلق
.... التعليقات لا تعبر بالضرورة عن رأي الصحيفة